السلام عليكم

يختلف علم العروض عن علم النحو بأن علم النحو يتضمن مذاهب نحوية مختلفة وقد تكون متضاربة في اعتماد القاعدة النحوية .فالمذهب الكوفي يختلف عن المذهب البصري في أخذه بالشواذ من الظواهر النحوية ، لذا فإن البصريين المتشددين في اعتماد ما كان ثابتا وعاما من الظواهر لا يستندون إلى قواعد الكوفيين في أحكامهم .
والخليل بن أحمد الفراهيدي الذي ينتمي للمدرسة البصرية نحويا ، هو المرجع الأول في علم العروض ، وليس ثمة سوى قواعده التي صاغها ببصيرته البصرية .وقد تضمنت قواعده ظاهرتي الخرم والخزم اللتين تعبران عن احتمالي النقص والزيادة وتطرآن على المقطع الصوتي الأول من البيت أسوة بظواهر القطع والتذييل والتسبيغ التي تطرأ عليى المقطع الصوتي الأخير في البيت .
فالخرم ليس ظاهرة شاذة وليس من الشوارد في العروض - ولا أكاد أتبين أية شوارد في العروض -.
الخرم ،حتى وإن كان يحدث بنسبة ضعيفة قياسا للقطع إلا أنه ظاهرة ضرورية حاصلة ومؤكدة . .
ولأن الخليل -رحمه الله - كان يتمتع بنمط التفكير الإحصائي كان غير قادر على إغفال احتمال الخرم أو تجاوزه وغض البصر عنه . فظاهرة الخرم تشكل احتمالا أساسيا وضروريا لمقابلتها ظاهرة القطع ، فلقد خلق الله الكون متوازنا بين جانبين والعروض يخضع لهذا النظام الكوني ، فإن قلت : ( يمين) ، فذلك يستدعي (اليسار ). وإن قلت (فوق ) فذلك يستدعي (تحت )، وإن قلت : قطع الوتد في آخر البيت ، فذلك يستدعي خرمه في أول البيت .
الخرم يتساوى مع القطع من حيث الاعتبار ، وله ما للقطع من حق الرصد والدراسة والتأويل الرقمي .