http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78051
من يحاور أستاذا بقامة أستاذي خلوف يعرف متعة يندر أن يجدها عند من هم دونه علما وخلقا. استعملت للمتكلم التعابير التالية
خشان 1 : ماكا مقتبسا من أصل موضوعي ( حوار جذري )
د. خلوف : ما تفضل أستاذي به من رد
خشان 2 : ردي على رد أستاذي
ألوان الفقرات تذكر بالقائل ومرحلة النص
***********
خشان 2 : أخي الحبيب وأستاذي الكريم د. عمر خلوف
الحوار بل حتى الاختلاف مع ذي علم وخلق مثلك فرصة لا أدعها تفوتني . ففيها من العائد العلمي العام - ولي خاصة - وتحفيز التفكير – ولي خاصة – ورؤية نفسي بمرآة كاشفة ربما تكشف لي من خطئي وشططي ما لا يتم بدونها أو تزيل الشبهة وتبعد سوء الفهم عن بعض ما يكتنف رأيي.
د. خلوف : أخي الحبيب
لكأني بالأستاذ الذي وصف حواره (بالجذري) ، أراد أن يجعل منه حواراً بدهي المقدمات، بدهي النتائج، فيوهم قارئه بأنّ كل شيءٍ فيه مُنْتهٍ ومستقر بين المتحاورين!!
ولو كان الأمر كذلك لَما كان هنالك حاجة للحوار أصلاً.
إنّ الثقة مسألة مهمة للمُحاور، ولكنها يجب أن لا تصل إلى مستوىالحسمقبل الحوار!
خشان 2 : إنني ببساطة عبرت عما في نفسي بصدق، دون قصد توهيم . وعماد الحوار في رأيي هو التعبير عما لدى المحاو من رأي هو في نظر صاحبه صواب. وربما ميزني في هذا الجانب أن تجربة الرقمي ومسيرته الفكرية بما اكتنفها من أخطاء وتصويبها علمتني أنه مهما بلغ اعتدادي برأيي في مرحلة ما فإن ثمة احتمال بأنه قد يكون خطأ أو أقله قابلا للتعديل إلى الأفضل .
خشان 1: وحديثي هنا حديث وامق حزين ويائس من أغلب العروضيين. ذلك أني أرى أحبة يمضون في اتجاهات هم بأعلى وأفضل منها أجدر، ولو كلف أحدهم نفسه بعض الوقت لفهم مبدإ الرقمي لمضى فيه ولوفر على نفسه الكثير ولأستنار وأنار. ويزيد الحزن أن حديثي لا يجد استجابة. فتجد أن ما رأي أحدهم عن الرقمي لا يتعلق بالرقمي الذي أعرفه بل بصورة لديه عن الرقمي تصنعها له مقاربته للرقمي. أما اليأس فراجع إلى أن العروضيين الذين حاورتهم عن الرقمي لم يكلف أحد منهم نفسه فهمه. باستثناء بعض التفهم لدى أساذتتي سليمان أبو ستة و د. محمد تقي جون علي وإلى حد ما د. محمد جمال صقر.
د. خلوف : يؤسفني غاية الأسف أن أكون واحداً ممّن أيأسَك وأحزنَكَ من العروضيين، وأنت تراه يمضي في اتجاهٍ لا يتوافق مع ما تأمله منه، من التضلّع من منهجٍ تحسبه -وهذا حقك- الأجدر أن يُتّبَع.
وليس ذلك عن قِلًى أو كراهيةٍ،فأنت بالمودة المتبادلة عليم، والله بها أعلم، ولكنني -أولاً- أحسبُ -وهذا حقّي- أنني أسير على منهجٍ يُوافِقُ ما أُحبّ أن أرى علمَ العروض عليه. كما أنني –ثانياً- لا يستهويني التعامل بالأرقام البتّة، لِعَيبٍ –ربما- في تربيتي العلمية، أو لتأثير ما ألِفْتُهُ من مفاتن العروض الخليلي، أو لِشيخوخةٍ بدأت تغشى أخاك، أو ربّما لجِماعِ ذلك كله.
فإذا ظهر لك السبب، وجب العذر.
خشان 2 : أنا واثق أخي أنك تحب لي الخير وقد تعلمت من كتابك الرائع ( فن التقطيع الشعري ) قاعدة التناوب العامة وهي من أسس العروض الرقمي، بل إنني أرى في قواعد التأصيل التي تعلمتها من كتابك ما يبدد ما تظنه من استثناء في قواعدك المذكورة. أفرأيت إن أحببت لك ما تحبه لي من خير. أعتقد – ويغلب على ظني أني مصيب دون استبعاد احتمال الخطأ – أن الرقمي كمضمون لو استطعت أن أوصله لك فسيكون في ذلك خير لي وللعربية بشكل عام لما أوتيتَه من مزايا أفتقر إلى مثلها. وحتى لو كان في هذا الشعور الملح تجاوز فإني واثق أن سعة صدرك وحلمك على أخيك أكبر من أكيد إعذاره لك في أيما موقف تراه.
خشان 1: إن وصفي الخبب بأنه موزون أو بحر ينسف العروض الرقمي نسفا. فبعض الكلمات تنسف المنهج إن استعملت خطأ . أما استعمالها خطأ في اللامنهج فتأثيره محدود في موضعه، وتفكك اللامنهج يحصنه ضد النسف الكلي.
فقولي إنه موزون يخرجه من مجال الشعر كافة ويلغي دوره في العروض بشكل تام.
وقولي إنه بحر يلغي التخاب ولعله أهم ركن من أركان الرقمي. أقول هو أحد إيقاعي الشعر العربي.
وللعلم فالخبب إيقاع قائم بذاته في الشعر العربي وهو كذلك في بعض أشعار العالم. بل إن بعض أشعار العالم خببي بالكلية كما شرح ذلك د. إبراهيم أنيس و د. أحمد رجائي.
د. خلوف : أعود لأؤكّد لك أنني في منهجي أعتبر كلَّ موزونٍ بحراً، وكلَّ بحرٍ موزوناً، دون أن تنسفَ هذه الحقيقة عندي أيَّ جانبٍ من جوانب العروض.
ولستُ أدري لم تحملكَ الصرامةُ على حشوِ الكلمات بمعانٍتنسفُ المنهجَ عندك نسفاًإن استُعمِلت خطأ كما تقول.
فما الذي سيتغير لو استعملتَ مصطلحي (بحر وتدي) و (بحر خببي)؟؟
إن الخبب كما أراه: (بحرٌ) سببي، و(إيقاعٌ) سببي، (موزونٌ) بالأسباب دون الأوتاد،قائمٌ بذاته.
ونتيجة هذه الأوصاف عندي واحدة، حيث يبقى (الخبب) بحراً موزوناً على إيقاع السبب، شاذاً عن بقية بحور الشعر (الموزونة) على إيقاع الأسباب والأوتاد معاً.
وما تفضلتَ به من معنى التفريق بين الإيقاعين،وهو ما أتبنّاه كما تعلم، يجب أن لا يقف عثرة في طريق قبولك للجديد أو المستجد، سُمّي ذلك بحراً أم موزونا.
خشان 2: سرني هذا الوضوح وهو يكشف أمرين :
1 – اتفاق في المضمون واختلاف في المصطلح في التفريق بين الخبب وسائر البحور ولا بأس بذلك
2 – إختلاف في المضمون واتفاق في التسمية فيما يخص تعبير الموزون
فأنت تراه بمعناه اللغوي أي صحيح الوزن
وأنا أعني به ما كان على هيئة الشعر وليس بشعر مما يدعو أصحابه بحورا جديدة كالبحر الذي وزنه : مفاعيلن مستفعلن وقد اشرت إلى العديد من هذه ال ( بحور) في موضوع (بحور جديدة) وورد بعضها في موضوع ( المنهج واللامنهج )
د. خلوف: ولكن يبقى أن قبول الذائقة العربية لإيقاع الخبب(قنبلة) تنسف محاولات الإبقاء على الهيكلية النظرية التي أرادها الخليل للبحور.
خشان 2: لا أرى رأيك أستاذي فعندي أن دوائر الخليل تناولت ( البحور الوتدية – الإيقاع البحري) والخبب كـ ( بحر خببي – إيقاع خببي) غير مشمول في هذه البحور بل أذهب أكثر من ذلك إلى القول إن وعي الخليل على الخبب وعدم ضمه إلى دوائره يثبت بشكل رائع هيكليته النظرية إذ يستثني الخبب منها. يمثل هذا الوعي لدى الخليل أو لدى طائفة تراه عند الخليل ما ينسب إلى الخليل من نظم عليه :
هذا عمرو يَستعفي مِن ..... زيدٍ عند الفَضْل القاضي
فَانْهَوْا عَمْراً إني أخشى ..... صَول اللَيث العادي الماضي
و
سُئلوا فَأبَوا فلقد بَخلوا .....فَلَبئسَ لَعَمْركَ ما فعلوا
أبكيتَ على طَلَلٍ طَرَباً .....فَشَجاكَ وأحزنك الطللُ
أنت ادرى مني بصحة نسبة الأبيات للخليل . وحتى لو لم تكن صحيحة فهي تدل على أن ثمة من يوافقني الرأي بأن الخليل يعرف الخبب ولا يضمه إلى دوائره فهو خارج هذه الدوائر بالمعنى المطلق والوزني كما تبين هذه الساعة :
بل إن مفهوم د. مستجير يصور الخبب محيطا بهذه الدائرة فيكون امتداد كل وتد خارجها سببين خفيفين في المحيط الخببي.
خشان 1 : هل لديك استاذي تعريف واضح المعالم لمنهج الخليل خارج عروضه يحدد المساحة بين عروض الخليل ومنهجه ؟
د. خلوف : وأما سؤالكَ عن "تعريفٍ واضح المعالم لمنهج الخليل خارجَ عروضه، يُحدّد المساحة بين عروض الخليل ومنهجه" فهوسؤال عائمٌ غائم،
خشان 2 : أتخيل أن أقوم أنا بتعريف نهج الخليل فيكونن رأيك فيه أنه غائم عائم.
ولكن الأمر – وأنت به أدرى – كان في هذا السياق :
أ – أنت قلت :" ولا أستطيع أن أحجر على أولئك المتوقفين عند حدود ما وصل إليه علم الخليل، ولكنني لن أغمط حقّ الشعراء العرب بعد الخليل، ممن تجاوزوا التوصيفَ الخليلي، دون أن يخرجوا عن نهجه. وأعتبر ذلك تطويراً للذائقة العربية، لا انحرافاً عنها، لأنها لم تخرج في مخرجاتها عن أسس الشعر العربي ونهجه."
وأنا سألتك عن تعريفك لمصطلحاتك والمسافة بين كل مصطلح والآخر؟ وترد بأن سؤالي غائم . فماذا عساي أقول ومن ترى أنه ينبغي أن أسأل وكيف أفصح ؟
د. خلوف : شأن الكثير من الأسئلة التي يطرحها (الرقمي)،كالسؤال عن أسرار العبقرية الخليلية، والسؤال عن تحليل العملية الذهنية ...الخ
خشان 2: الرقمي أستاذي يحاول الإجابة على الأسئلة المطروحة وبكشف جوانب كثيرة منها. حسبك تركيزه على منهجية الخليل وتفكيره الرياضي بإحصاء الجذور المحتملة التي أحصاها الخليل قبل بدئه بتأليف معجم العين فكانت :
الثنائية = 28×27............................ 756
الثلاثية = 28×27×26....................... 19,656
الرباعية = 28×27×26×25................ 400,491
الخماسية = 28×27×26×25×24........ 11,793,600
المجموع....................................... 12,214,503
خشان 1 - أعتقد أن الرقمي هو الوحيد الذي يحاول تحديد هذه المساحة.، ذلك انه المنهج الوحيد الذي يتناول تفكير الخليل كما قال الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."
د. خلوف : وكم يفلقني تبنيك الدائم والمتكرر إلى درجة الإملال، لمقولةمُدَّعٍ متسلّق كميشيل أديب،سطَابوقاحة غريبة على فكرة كتابنا: (فن التقطيع الشعري) ، وادّعاها لنفسه، في كتاب له سماه: (حكاية العروض)، ولكنه بحمد الله تعالى لم يستطع أن يرقى إلى مستواها، أو أن يُضيف إليها شيئاً ذا بال، بل على العكس من ذلكشَوّهَها،وما أظنه بمقولته التي تتبنّاها إلاساطٍ على مقوله من هو أفضل منه.
خشان 2 - أضحك الله سنك وجعلت فداك .
أخي واستاذي الكريم الكتاب لدي والقطع بالسطو يحتاج تحقيقا وأنا سافكر أمامك هنا بصوت عال:
1 - أغلب كتب العروض التقليدية تتناول نفس المادة بفروقات بسيطة.
2 – عرفت عن ( كتاب العروض ) الرقمي للدكتور محمد تقي جون علي ويتقاطع ما تفضلت به وكذلك مع كتاب الأستاذ ميشيل أديب وأنا واثق كل الثقة أنه لم يطلع على أي من كتابيكما أو كتابي قبل نشر كتابه.
3 – الدكتور عبد العزيز محمد غانم له كتاب ( العروض الرقمي ) ولم يعرف أحدنا الآخر أو أطلع على كتابه وترميز كتابه وكتابي متطابقان ولا توجد شبهة للنقل أو حتى التأثر عند التأليف.
4 – ما تقدم جانب ضد مقولة السطو، ولكن الموضوعية تجعلني لا تستبعد هذا الاحتمال من حيث المبدأ ولكن يضعف هذا عندي أن الناقل يطور وينتج الأفضل وكتابك خير من كتابه. ولو افترضنا أنه اساء النقل فلعمري إنه بمقولته التي أكررها لدرجة الإملال إن ثبت أنه توصل إليها لتأثره بك فقد قلدك وسام فخر ينبغي أن تشكره عليه.
أقول هذا متذكرا أني عندما أخبرتك أنني اقتبست قاعدة التناوب العامة من كتابك وأني أرى بموجبها أنه لا يوجد في طريقتك في التأصيل ما ذكرته من استثناء أنكرت ذلك الفضل المنسوب لطريقتك وأسكتني بقولك إنك بنظريتك أعرف.
د. خلوف : وأنتَ يا سيدي أعلى منه كعباً،وأظنك قد توصّلتَ إلى معنى مقولته تلك قبل أن تقرأها له في مجلة الموقف الأدبي.
خشان 2: أترى أستاذي طرب المستمع لقصيدة تصور ما نفسه بشكل يعجز عنه، ذلك ما خلفته في نفسي مقولته تلك، بغض النظر عن مصدرها.
د. خلوف : إن العروض عندي علم (وصفي) ،لا يمكن حصره في قواعد رياضية (رقمية) شاملة. وكل محاولات حصره ضمن قواعد صارمة ستبوء بالإخفاق.
خشان 2: رغم معارضتي الكلية لما تفضلت به هنا فإني جد سعيد لسماعه منك لأنه جاء تصديقا ساطعا كنور الشمس لفصل ( الفرق بين العروض وعلم العروض ) والحمد لله أن كتابي قد تأخر للتشرف بالاستشهاد بهذا القول منسوبا لك في ذلك الفصل، تمييزا بين نظرتين.
أخبرك بفهمي لتعبير ( علم وصفي ) راجيا أن تتكرم بتعديله ليوافق رأيك : " العلم الوصفي هو الطريقة التي تصف كل ظاهرة على حدة دون مرجعية عامة هذا في المجال العام وأما في علم العروض فهو تلك الطريقة التي تدرس كل صورة من صور البحور ( أم تراها كل بحر) على حدة دون ربط بين الصور ( أم تراها البحور) وبالتالي فإن من تحصيل الحاصل عدم افتراض وجود قواعد كليه جامعة.
تشجعني دماثة خلقك وسعة علمك وصدرك وموضوعيتك في المضي في دراسة الاختلاف بيني وبنيك في موضوع ( المنهج واللامنهج ) التي أراها ذات شجون والتي فيها القابلية لأن تنشر كتابا في المستقبل إن تهيأ االظرف مؤكذا ومذكرا أني لا أستبعد موضوعيا أن يكون أي من آرائي ناقصا أو خطأ .
فهو على الرغم من ارتباطه بشيء من قواعد الموسيقى شيئاً قليلاً، لكنهيتمتع بمرونة عجيبة تقدمها له اللغة العربية، بما تحمله حروفها، وكلماتها، وجملها، من شحنات وظلال موسيقية.
والله يسددك يرعاك.
خشان 2: حفظك ربي ورعاك أخا ومعلما وصديقا حبيبا.
المفضلات