http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...l=1#post594229
أخي الحبيب واستاذي الكريم أبا حازم
إن فرصة الحوار معك خاصة لدى اختلافنا فيها من الإمتاع وحفز التفكير والتركيز ومن ثم تعلمي ما لا استطيع أن أجازف بتفويته.
لا أستغرب اختلافنا، وكم قد استعرضناه في حوارات سابقة ، وأرانا في العروض أشبه ما نكون بالمدرستين الكوفية والبصرية في النحو. فأنت تعطي الأولوية للشواهد دون كبير اعتبار لمدى شيوعها. وأنا أعتبر أحكام العروض والقافية حتى عصر الخليل توصيفا لكيان متناسق للذائقة العربية، بل أجدني أحيانا أميل إلى التضييق في بعض ما تساهل به الخليل اعتمادا على شواهد ضئيلة. كما في القول بخبن مستفعلن الثانية في البسيط وقبض مفاعيلن الأولى في الطويل. أما التوسع في الخروج على ما قرره الخليل فأمر أراه تحريفا لا تطويرا.
ولي سؤال في هذا السياق يتعلق بالقافية ككل – باستثناء قافية المتدارك – هل ثمة قول للخليل بمنع أو إجازة ازدواج القافية في أي بحر لتشترك في قصيدة واحدة من أي بحر كان نهايتا العجز تارة 3 2 3 وأخرى 3 1 3 . وهل ثمة شواهد على ذلك حتى عصر الخليل أو بعده بقليل وإن وجدت فأرجو أن تتكرم بالإفادة عن مدى شيوعها.
سرني ما قاله أستاذي د. محمد جمال صقر :"
ولقد وَلَّدْتُ نظرية النصية العروضية، من بين نظريات اللُّغويِّين النَّصِّيِّينَ ونظريات اللُّغويِّين العَروضيّين جميعا معا، لتعيش في كَنَف علم لغة النص الشعري، على القصائد الطبيعية الكاملة الواصلة (التي تَلَقّاها المتلقون بأية طريقة من طُرُق التَّلقِّي على أنها نصوص شعرية طبيعية كاملة)، لا الأبيات المُبْتَسَرة الناقصة الضالّة ) التي لم يتلقَّها المتلقون على أنها كذلك "
في موضوع ازدواج القافية فإن كل عجز ينتهي ب ( 3 2 2 3 = وتد سبب سبب وتد ) قابل لقواف ثلاث لا يشذ عن ذلك بحر.
وكما أن لتلك النهاية حكما واحدا يجسد الذائقة العربية يعضده الخليل وشواهد الشعر فإني أرى أنه ينبغي أن يكون للنهاية 3 2 3 حكم واحد يجسد الذائقة العربية، وتقييم ذلك الحكم يعتمد على الخليل والشواهد ومدى شيوعها إن وجدت ثم يأتي بعد ذلك كله ذوقي أو ذوقك في هذا السياق. فإن رجحت كفة القول بقافية واحدة أو قافيتين في هذا المجال فلي ولك أن نقول إن المتدارك فيما يخص التقعيد يجب أن يلتزم بهذا الحكم. ليطرح بعد ذلك موضوع أيهما نقدم ما رجح من أمر الشعر العربي كله أم ذوقي وذوقك.
من هنا فإني أرى في الرياضية العروضية بأقل تغيير ممكن في بنية الشعر تثبيتا لأكبر قدر من المتغيرات وتركيزا على المتغير موضع البحث وهو هنا ازدواج القافية أو عدم ازدواجها.
إن القضية التي أدافع عنها ذات مستويين المستوى الأول وهو الأعلى افتراض وجود منهجية في العروض والقافية والمستوى الثاني تبني خيار في هذه المنهجية. وأعتبر نفسي موفقا إن ثبتت صحة المستوى الأول الأعلى حتى لو رجحت فيه منهجية أخرى تخالف رأيي. باختصار الأمر هو المنهج أو اللامنهج.
وفي إطار هذاالسياق أرجو أن يتسع صدرك للرياضة العروضية التالية وأن تتكرم علي برأيك في أي أزواج الأبيات المشطورة التالية ترى انسجاما بين القافيتين وفي أيها ترى تنافرا.
أقول هذا وأنا أنافح عن موقف أنا مستعد للتخلي عنه إن اقتنعت ببرهانِ ما يغايره.
1- المتدارك
وطَني القدسُ ما أكرمَ الموطِنا = 1 3 2 3 2 3 2 3
وطني ما نسيـــــتُ أنا الوَطَـــنا = 1 3 2 3 1 3 1 3
2- المتقارب
هي القدسُ ما أكرمَ الموطِنا = 3 2 3 2 3 2 3
أنا ما نسيـــــتُ أنا الوَطَـــنا = 3 2 3 1 3 1 3
3- لاحق خلوف:
يا قدس ما أكرم الموطنا = 4 3 2 3 2 3
لا ما نسيت انا الوطنا = 4 3 1 3 1 3
4- السريع:
يا قدسنا ما أكرم الموطنا = 4 3 4 3 2 3
ما إن نسينا ذلك الوطنا = 4 3 4 3 1 3
5- الخفيف :
في المعالي ما أكرم الموطنا = 2 3 2 2 2 3 2 3
هل سننسى؟ هيهات ذا الوطنا = 2 3 2 2 2 3 1 3
6- المديد:
في المعالي دمت لي موطنا = 2 3 2 2 3 2 3
هل سننسى ؟ كيف يا وطنا = 2 3 2 2 3 1 3
7- المنسرح :
أهواك يا قدس واسلمي موطنا = 4 3 2 3 3 2 3
في القلب تبقين دائما وطنا = 4 3 2 3 3 1 3
والقول بأن المنسرح لا بد فيه من الطي تأييد لوجهة النظر القائلة بعدم اجتماع القافيتين وليست إخراجا للمنسرح من الموضوع
هل حكم ازدواج هاتين القافيتين واحد ؟
وإن كان ثمة اختلاف فما المقياس ؟
هل للخليل رأي محدد ؟
القافية هي الجزء الاشد حساسية في البيت وأحكامها تسود أحكام العروض، فما يجوز في الحشو من زحاف أو تكافؤ خببي لا يجوز بالضرورة في القافية بل يمتنع إن خالف أحكامها. إن تجاور النهايتين 3 2 3 و 3 1 3 يحمل في حسي قربى لتجاورهما في النصين:
ألا ما أكرم الموطنا = 3 2 2 3 2 3
تعيش القدس لي وطنا = 3 2 2 3 1 3 .....باعتبار هذا مجزوء الوافر
أو البيتين :
يا قدسنا مرحبا ما أكرم الموطنا = 4 3 2 3 4 3 2 3
ما إن نسينا أننسى ذلك الوطنا = 4 3 2 3 4 3 1 3 ......باعتبار هذا البسيط
وبالمناسبة فإن بيتي عبد المنعم الأنصاري:
كلُّ ما كانَ في بَدْئهِ كلْمةً ** ربما لم تكن كلْمةً منتهاهْ
إنني اليمُّ في ثورةٍ وأَنا ** غارقٌ فيه ضيّعْتُ طَوقَ النّجاهْ
يقعان خارج هذا السياق للتذييل المكافئ للترفيل.
والله يرعاك.
***
أخي أبا فالح
عندما صاغ الخليلُ عروضه، وفهم مداخله ومخارجه، أراد أن يضعَ له نظرية متكاملة (شمولية)، فاضطر إلى تجاوز مسألة الشيوع في الأمثلة، فاستشهد بالنادر والشاذ، بل عمد إلى صنع شواهد لا يمكن أن تقبلها أذن شاعر عربي..
فأين أنا من صنع الخليل عندما أَستشهِدُ لظاهرة ما بعدد غير قليل من الشواهد، وإن لم تكن شائعة.
هذه واحدة.
أما الثانية؛ فأنا متّبع لنهج الخليل في توصيف كيان هائل من الشعر العربي، واضعاً ما كان منه قبل الخليل نصب العين، ومركزاً على ما جدّ بعده.
ولا أستطيع أن أحجر على أولئك المتوقفين عند حدود ما وصل إليه علم الخليل، ولكنني لن أغمط حقّ الشعراء العرب بعد الخليل، ممن تجاوزوا التوصيفَ الخليلي، دون أن يخرجوا عن نهجه. وأعتبر ذلك تطويراً للذائقة العربية، لا انحرافاً عنها، لأنها لم تخرج في مخرجاتها عن أسس الشعر العربي ونهجه.
وأما الثالثة؛ فأظنني أتفق معك ومع الأستاذ صقر، في عدم اعتمادي في معظم شواهدي على بُوَيتاتٍ (ناقصة مبتسرة)، أو شاردة (ضالة)، لأنها جميعها أبيات منتظمة في قصائد (طبيعية كاملة)، لشعراء لا يليقُ بأحد أن يصف ذوائقهم الشعرية بالانحراف، ولا أن يجتمعوا عليه.
فابن حزم يقول:
لكَ الحمدُ يا ربّ والشكرُ تَمْ ** لك الحمدُ ما باحَ بالشكْرِ فَمْ
من الماءِ أنشأتني نطفةً ** ومن بعد ذلكَ لحمٌ ودَمْ
وعلّمْتني الحكْمَ في (هلْ وما)** وأطْلَعْتني طَلْعَ (كيفَ وَلَمْ)
وهذا البيت الأخير منتظم في قصيدة عدة أبياتها ثمانون بيتاً.
وأما الرابعة؛ فجميل البحث للوصول إلى قوانين موحدة تنتظم ظاهرة ما، لكن شريطة أن يُبنى هذا القانون على واقع الشعر، سواء أكان شائعاً أو قليلاً، ولا أقول شاذاً، فالشاذ لا حكم له، ولكن القلّة معتبرة..
ومما يُلاحظ في هذا الصدد، اختلاف قوانين الزحاف من وزن لآخر، على الرغم من اتفاق السياق المقطعي للمنطقة المدروسة بين الوزنين.. حيث أرى أن حركة الزحاف تتعلّق بمجمل سياق الوزن، وليسَ في منطقة محددة منه. ولا ينفي ذلك بعضاً من أوجه التشابه بينهما.
خذ إليك ما أشرتَ إليه من سياقَيْ الرجز والرمل، حيث يُعتبر سياقُ الرمل جزءاً لا يتجزأ من سياق الرجز:
الرجز: /ه/ه//ه /ه/ه//ه /ه/ه//ه
الرمل: .. /ه//ه /ه/ه//ه /ه/ه//ه
فإذا نظرنا إلى زحافيهما، أبدى لنا الرجز حريةً مطلقة في زحاف الأسباب التي تسبق الأوتاد.
أما سياق الرمل فلا يحتمل إلا زحاف السبب الذي يسبق الوتد، بينما يمتنع الزحاف ويقبح فيما سواه.
فهل من تفسير مقنع لذلك؟
أما سؤالك عن رأي الخليل في موضوع ازدواج القافية، فلا علم لي فيه حتى اليوم.. ولن أفتي بأحسن مما أفتيتُ فيه في مشاركتي السابقة.. لأنني كما قلت أتأثر بمثل هذه التحريفات، فتثقل على سمعي، وقد تكون في أصلها خفيفة.
يرعاك ربي ويحفظك
**
أخي وأستاذي الكريم الحبيب أبا حازم
معذرة لتأخري في الرد، وما كان ذاك إلا اقتناصا لفرصة التركيز ليجيء الرد لائقا بقدرك.
سأبدأ بما انتهيت إليه من قولك :
وأما الرابعة؛ فجميل البحث للوصول إلى قوانين موحدة تنتظم ظاهرة ما، لكن شريطة أن يُبنى هذا القانون على واقع الشعر، سواء أكان شائعاً أو قليلاً، ولا أقول شاذاً، فالشاذ لا حكم له، ولكن القلّة معتبرة.
في هذه الفقرة تصوير جيد لما انتهى إليه تفكيري في الرقمي ثم انداح ليصبح نظرة فكرية تشمل كل شيء.
بت أرى أن هناك نظرتين للأمور إحداهما منهجية شاملة يأتي االتطبيق على لجزئيات في إطارها والأخرى تطبيقية تجزيئية لا تتعرض لوجود قواعد وقوانين شاملة .
وأول طريق المنهجية الشاملة هو افتراض وجودها سواء تم إدراك كنهها ام لا. فإن مجرد افتراض وجودها كفيل بتوجيه الدارس إلى البحث عنها ومواصلة تصنيف ومراجعة ما يتوفر أو يجد من معلومات لبلورة معالم المنهج. وهذا لا يتم بخط مستقيم بل تكتنفه انحرافات وأخطاء وتباينات يعمل الدارس على استمرار تصويبها وتعديلها بحثا عن الصورة الأفضل للمنهج. وهذا غالبا ما يستغرق وقتا. وكثيرا ما تتعدد فيه اعتبارات أو قواعد أو أدله إمان أن تتناسق أو تتناقض أو يكون لبعضها الأولوية في حالة ما وللبعض الآخر أولويات في حالات أخرى. ومثال ذلك ما تفضلت به حول الرجز والرمل فثمة أمران اشتراك في سياق واختلاف في بداية :
الرجز = 2 2 3 2 2 3 2 2 3
الرمل المحذوف = - 2 3 2 2 3 2 3
. يناظر ذلك ما بين السريع والمديد
السريع = 2 2 3 2 2 3 2 3
المديد المحذوف = - 2 3 2 2 3 2 3
هناك ثلاثة مستويات في هذه الحالة
* - عدم الربط بين اي من هذه الحالات وهذه تجزيئية مفرطة
** - ملاحظة التقارب والاختلاف بين الرمل والرجز وهذه نظرة يصل إليها ذو بصيرة وهي خطوة نحو الشمولية
*** - ملاحظة التقارب والاختلاف بين الرجز والرمل وكذلك بين السريع والمديد ثم ربط الظاهرتين معا والبحث عن أشباههما ومحاولة تناول الجميع في إطار واحد واستكشاف خصائص وقواعد ذلك الإطار.
وعلى هذه الخلفية أستعرض بعض ما تقدم سواء من المشاركات السابقة مع التركيز على مشاركتك الأخيرة. وإذا أفكر أمامك بصوت عال فإنني أفترض الاحتمال الكبير لوجود أخطاء في استنتاجاتي ومن شأن كشف هذه الأخطاء وتوصيها أن يرتقي بمضمون الرقمي ونهجه وهذا ينسجم مع مسيرة الرقمي التي هي ككل مسيرة علمية منهجية شمولية النظرة تفاعل دائم بين المنجز وما يجد من معطيات وما يرافق ذلك من كشف للخطأء أو تسديد أفضل في المقاربة. وهي معاناة منتجة لذيذة لا يشعر بها إلا من مر بها.
والنهج التطبيقي الجزئي الذي يتناول وصف كل جزئية على حدة دون ربطها معا لا يعاني من هذا شيئا ذلك أن المعاناة ناجمة من محاولة استكشاف الشمولية المفترضة.
1- هذه المعاناة هي الخلفية التي كتبت فيها المشاركة رقم 8 والذي صغت مقاربة مبدئية على أساس ما رجحته من أحكام للقافية حيث ينتهي الشطر ب 3 2 3 ولا شك أن ما أبديته و تبديه له تأثير على الصياغة النهائية الأفضل لهذه المقاربة. قولك وخاصة الجملة الأولى منه:
أما سؤالك عن رأي الخليل في موضوع ازدواج القافية، فلا علم لي فيه حتى اليوم.. ولن أفتي بأحسن مما أفتيتُ فيه في مشاركتي السابقة.. لأنني كما قلت أتأثر بمثل هذه التحريفات، فتثقل على سمعي، وقد تكون في أصلها خفيفة.
يصور واقع العروض العربي تصويرا ممتازا، فلعل البحث عن إمكانية وجود حكم شامل لقافية هذا الصنف من نهايات الأعجاز لم يطرح سابقا في التطبيقات الجزئية ولعله يطرح للمرة الأولى ضمن هذا الإطار.
2- تقول في معرض استحضار ثقل المتقارب المنتهي ب 3 1 3
وصعوبة قبول المتقارب لهذا الزحاف حقيقة، لم أعتمد فيها على ذوقي الشخصي فقط، ولكن على قلة مجيئه في واقع الشعر. وقد جاء.
يقول ابن خاتمة:
أيا ظَبْيَةً في ظُبا لَحْظِها ** وفي وَجْنَتيها ضُروبُ المِحَنْ
تَلافَيْ مُحِبّاً قَضَى نَحْبَهُ ** وإنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَضى فكأنّْ
وقال ابن زاكور أيضاً:
أَمَوْلاَيَ يَا نَيِّرَ الْمَطْلَعِ ** بعَادُكَ أَذْكَى لَظَى جَزَعِي
يَعِزُّ عَلَيَّ فِرَاقُكَ يَا ** غَزَالَ النَّقَا وَرَشَا الأَجْرَعِ"
ثم تقول بصدد المتقارب:
وأما الثالثة؛ فأظنني أتفق معك ومع الأستاذ صقر، في عدم اعتمادي في معظم شواهدي على بُوَيتاتٍ (ناقصة مبتسرة)، أو شاردة (ضالة)، لأنها جميعها أبيات منتظمة في قصائد (طبيعية كاملة)، لشعراء لا يليقُ بأحد أن يصف ذوائقهم الشعرية بالانحراف، ولا أن يجتمعوا عليه.
فابن حزم يقول:
لكَ الحمدُ يا ربّ والشكرُ تَمْ ** لك الحمدُ ما باحَ بالشكْرِ فَمْ
من الماءِ أنشأتني نطفةً ** ومن بعد ذلكَ لحمٌ ودَمْ
وعلّمْتني الحكْمَ في (هلْ وما)** وأطْلَعْتني طَلْعَ (كيفَ وَلَمْ)
وهذا البيت الأخير منتظم في قصيدة عدة أبياتها ثمانون بيتاً.
وهنا أمران أولهما:
هل تعني أن هذه الأبيات أو البيت الأخير منها صعب عليك قبوله كالأبيات السابقة، وهنا لا مشكل .
أم تعني أنه مستساغ مقبول ؟ وهذا حكم مغاير لحكمك السابق في استصعاب نظيره من أبيات ابن خاتمة وابن زاكور.
كثيرا ما أجد نفسي في بحثي عن الشمولية في قواعد الرقمي بين متناقضات يستغرق حلها أو إعادة صياغة ما يتناولها وقتا وجهدا .
وثانيهما : حول كون هذا البيت من قصيدة عدة أبياتها ثمانون بيتا، وأرى هذا دليل ندرة للبيت. ولعل دراسة لبعض طوال القصائد تؤكد أن هذا الشاهد أندر كثيرا من شواهد خبن مستفعلن الثانية في البسيط أو قبض مفاعيلن الأولى في الطويل، وذلك لم يمنع كثيرا من العروضيين من التعبير عن استثقالهم الشديد لذلك ولعل أشهرهم د. إبراهيم أنيس علما بأنها وردت في معلقات أشهر وأهم من قصيدة ابن حزم.
وثالثهما قولك :
عندما صاغ الخليلُ عروضه، وفهم مداخله ومخارجه، أراد أن يضعَ له نظرية متكاملة (شمولية)، فاضطر إلى تجاوز مسألة الشيوع في الأمثلة، فاستشهد بالنادر والشاذ، بل عمد إلى صنع شواهد لا يمكن أن تقبلها أذن شاعر عربي..
فأين أنا من صنع الخليل عندما أَستشهِدُ لظاهرة ما بعدد غير قليل من الشواهد، وإن لم تكن شائعة
أكرر قولي :
بل أجدني أحيانا أميل إلى التضييق في بعض ما تساهل به الخليل اعتمادا على شواهد ضئيلة. كما في القول بخبن مستفعلن الثانية في البسيط وقبض مفاعيلن الأولى في الطويل. أما التوسع في الخروج على ما قرره الخليل فأمر أراه تحريفا لا تطويرا
فكما ترى أجدني متفقا معك حول حدود الخليل بالقول " فلا تقربوها "
ولكني ايضا أقول حول حدود الخليل " فلا تعتدوها "
وإذا كنت أتفق معك في التحفظ على بعض آراء الخليل التي تقارب حدود منهجه وإن لم تتعد تلك الحدود، فإني أجد نفسي من باب أولى ملزما بالتحفظ على آراء غير الخليل ممن يتعدون حدود منهجه.
4- قولك:
فأنا متّبع لنهج الخليل في توصيف كيان هائل من الشعر العربي، واضعاً ما كان منه قبل الخليل نصب العين، ومركزاً على ما جدّ بعده.
ولا أستطيع أن أحجر على أولئك المتوقفين عند حدود ما وصل إليه علم الخليل، ولكنني لن أغمط حقّ الشعراء العرب بعد الخليل، ممن تجاوزوا التوصيفَ الخليلي، دون أن يخرجوا عن نهجه. وأعتبر ذلك تطويراً للذائقة العربية، لا انحرافاً عنها، لأنها لم تخرج في مخرجاتها عن أسس الشعر العربي ونهجه.
عندما يتم الوقوف عند حدود ما وصل إليه الخليل فإن الأمر بالنسبة لأحكام الوزن التفصيلية لا يستدعي الوعي على منهج الخليل .
أما عندما يتم تجاوز حدود التوصيف الخليلي والقول بأن ذلك لا يخرج عن نهجه وأنه طالما كان في حدود نهجه فإنه تطوير، فإن الحاجة لتحديد النهج يغدو ضرورة لا غنى عنها، فلا شك أنه سيكون هناك مساحة من الاتفاق وأخرى من الاختلاف حول الخروج أو عدم الخروج عن نهج الخليل.
فهل هناك تعريف متفق عليه لنهج الخليل فيما تجاوز توصيف الخليل. ؟
هذه المساحة بين توصيف الخليل وحدود منهجه تدخل في ( علم العروض ) وأرى أن أدوات ( العروض ) لا تصلح لها. فتحديد المساحة خارج توصيف الخليل تتطلب نظرة شمولية تستقرئ التجريد والشمولية من تجسيد وتجزيء توصيفه الذي اهتم به الناس بأدوات التجزيء (التفاعيل ) لتصل إلى الشمولية والتجريد المتحررين من الحدود الجزئية ليؤطرا حدود المنهج الشامل. وهذا يبرز دور الرقمي الذي يمكن للعروضيين لو عرفوا مضمونه أن يثروه ويثريهم وينيروا به الكثير الكثير.
.
شاكرا لك أستاذي الكريم سعة صدرك وما تكشفه لي أراؤك من رؤى.
والله يرعاك.
المفضلات