أخي وأستاذي الكريم لحسن عسيلة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
لطالما تأملت مسيرتك القصيرة نسبيا الثرية مضمونا في الرقمي ورأيت فيها عرضا سريعا يناظر مسيرتي فيه التي امتدت منذ بذرتها الأولى حتى الآن إلى حوالي ثلاثين سنة. وهذا التناظر لا أجده مع أحد سواك لأنك تفردت بالنسبة للآخرين بعاملين :
1- معرفة تامة بعروض التفاعيل قبل دراسة الرقمي، وهذا عامل يحول دون التناظر بين مسيرتينا ومسيرة الأستاذة سحر مثلا التي لا سابقة معرفة لها بالعروض التفعيلي. فكلانا أنت وأنا في انتقالنا من العروض إلى علم العروض سبح عكس تيار تأثير منهج التجزيء والتجسيد في التفاعيل وصولا إلى شاطئ الشمولية والتجريد، مع استمرار التأثر بالنهج السابق لدى كل منا على نحو قد يحمل بعض الشبه مع ما لدى أستاذنا أحمد يحيى ولكن بقدر أقل ويزداد تضاؤلا يوما بعد آخر .
2- وصول إلى آخر نتائج المراجعة المستمرة للرقمي. وهذا عامل يحول دون التناظر بين مسيرتينا ومسيرة الأستاذ ياسر العتيبي مخلص النوايا الذي أتقن الرقمي حتى مرحلة معينة ثم انفصل عن مسارة المتطور دوما على ضوء المراجعة والاستكشاف المستمرين.
على أن هذا التناظر اختل بين تجربتينا بسبب عمق وعلو واتساع ثقافتك الأدبية واللغوية والعامة بشكل يفوق كثيرا ما لدي.
واليوم يزداد هذا التناظر اختلالا، بهذه المقالة الثرية التي حال تأملي لجمالها دون استئناف النوم بعد صلاة الفجر. ولا يمكن أن يخطئ النظر علاقة هذا الاختلال بسابقه.
هذا فيما يخص مقالتك وأثرها المباشر، على أنها قد أثارت تيارا من التفكر في ذهني حملني صعدًا وأَماما عبر مسار يصعب تعقبه إلى نقلة كبيرة تصلح موضوعا لكتاب حولها حرصت أن أسطرها حتى لا يدركها ما يدرك غيرها من الأفكار التي تمر بالذهن في حالة استشراف النفس عالمين بين نومها وصحوها ثم تقلت سواء بالنوم أو باليقظة والانهماك في الشأن الحياتي اليومي.
وإلى جانب تسجيل فضلك علي في هذا الموضوع أقتصر على إيجاز رؤوس أقلام للادكار ولأنطلق منها إلى التوسع فيه مستقبلا إن شاء الله تعالى
كما أن كل جسم مادي له ثلاثة أبعاد منظورة تمثلها محاور ( س ، ص ، ع) فكذلك كل أمر في كل مجال محكوم بثلاثة أبعاد يحدد اتجاه محاور كل منها زوجان متباينان متواشجان وهذه المحاور بأزواجها المتباينة المتواشجة هي
1- التراكم والتفاقم
2- الكم والهيئة
3- النظام الجزئي والنظام الكلي.
إن استعراض الكثير من الأمور في شتى المجالات على ضوء هذه المحاور سواء كانت مادية أو فكرية أو سياسية أو اقتصادية أو تاريخية فيه الكثير من إمتاع إعمال الفكر واستكناه المآلات على نحو رائع إلى حد الدهشة. ولكن لا ينبغي لذلك أن ينسينا مصدر هذا الفكر مهما بلغ، وما مصدره إلا ما تولده محاولة التواصل مع فكر الخليل ثم القبس من النور المشع من النوافذ التي تنفتح على شمس عبقريته.
في بالي تعليق حول آراء أستاذنا أحمد يحيى لكني أمسك عن ملابسات جزئياته في حرم هذه الأفق المدهش من الشمولية وحسب أخينا أحمد فضلا علينا أنه كان الحافز لدفع ما لدينا من أفق شمولية الرقمي إلى هذا المدى الذي أسجل ولادته على يديك هذه الليلة.
أضيف هذه الفقرة التي تمثل تفكيرا بصوت عال للادكار كذلك.
هل ( التراكم والتفاقم ) و ( الكم والهيئة ) محوران أم هما ذات المحور ؟
في حال كونهما محورا واحدا لا بد أن يكون هناك محور ثالث تقتضيه الضرورة المنطقية التي تمليها شمولية التناظر في الكون لا فرق في هذا بالذات بين مادي ومعنوي، هذه الضرورة في اطراد وحدة الأشياء والأمور والتناظر بينها مؤشر إلى وحدة خالقها سبحانه وتعالى. هل يكون المحور الثالث هو الزمن ؟ الزمن مشمول هنا في موضوع التفاقم والتراكم. وهو ما يميزه قليلا عن موضوع الكم والهيئة، وربما يرجح هذا الاعتبارُ الاستقرارَ على هذه المحاور.
لا شك أنك تقصد في العنوان ( تأصيل وزن الشعر)
يرعاك ربي.
المفضلات