أخي وأستاذي الحبيب غالب .. أخي وأستاذي الكريم خِشان

أنا جد سعيد بالحوار معك أستاذي العزيز غالب ومع أخي الغالي الأستاذ خشان وأحيي فيك وفيه غيرتكما على العلم بصفة عامة والعروض بصفة خاصة

وكما قلت فإنني عندما أعرض ما أراه فإنني أعرضه من باب إظهار ملاحظة معينة قد يكون من المحتمل غيابها عن أذهان المتحاورين ولست أعرضها من باب التشبث بها أو ااتعصب لها.

ومن هذا المنطلق أقول أنني عرضت قول الخليل ليس لأستخلص منه رأيه الخاص في عروض الطويل أو المتقارب وإنما لأستنبط من رأيه قاعدة عامة وهي أن ما يجوز دخوله إلى العروض أو الضرب على سبيل الزحاف فإنه يجوز أيضا في الحشو.

هذه القاعدة تفهم واضحة من كلامه ؛ ولست متعصبا لضرورة الأخذ يها ؛ فلا بأس عندي من الأخذ بها أو تركها ، وإنما المهم الاتفاق ووضع قواعد واضحة.

وإن كنت أميل إلى التيسير إن كان التيسير ليس فحشا أو تجاوزا فجا ؛ متتبعا في ذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روي عنه أنه ماخير في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.

وخصوصا أن الشاعر عندما يكون مبتدئا فإنه يحتاج إلى الترخيص والتيسير ؛ فإذا ارتقى فإنه ينأى بنفسه عن الرخص ومواطن الشبهات والاختلافات تماما مثل العابد الذي يبدأ بالانتفاع بالرخص الدينية كالمسح على الجورب مثلا ؛ ثم إذا بلغ مرحلة معينة تراه يفضل الأخذ بالعزيمة فيتوضأ وضوءا كاملا رغم جواز الرخصة ، بل تراه ربما زاد على ذلك فتوضأ وضوءا على وضوء ليكون له نورا على نور.

كذلك الأمر بالنسبة للشعر والشعراء فهناك الترخص واللجوء إلى الضرورات وهناك الإجادة والتميز وهناك لزوم ما لا يلزم.

المهم وضع قواعد تبين الأسس والقواعد الأصلية والرخص والجوازات المسموحة والمباحة ومواطن الشبهات المفضل تركها وتجنبها ثم الأخطاء الغير مسموح بالولوج إليها.

أما بالنسبة لتحليلكم أستاذي غالب للفظة مستفعلن في الخفيف فهو صحيح تماما ولا اختلاف عليه ، فهي تناظر ما كتبته أنت في الوزن تناظر لفظة (عولات مس) ؛ ولذلك تكتب (مستفع لن) _ منفصلة وليست متصلة - لبيان أنها تختلف عن( مستفعلن) - المتصلة - ذات الوتد المجموع ؛ المهم أن السبب (مس) في لفظة (عولات مس) يجوز مزاحفته وهو نفسه السبب (لن) في لفظة (مستفع لن) وليس (مستفعلن) ، ويجب أن نفرق تماما بين كلا الكلمتين لأنهما وإن كانا يتفقان وزنا إلا أنهما يختلفان حكما ؛ فإذا كتبناها منفصلة هكذا (مستفع لن) فهذا يعني أنها تتساوى مع ( عولات مس ) وزنا وحكما ؛ ولكن من الأفضل أن نكتبها بالكنية الخليلية ( مستفع لن) حتى لا تتعدد كنى البحور كما قلنا قبل ذلك لنتجنب حدوث الخلط واللبس على الدارسين.

وبالنسبة للتيسير وقبول التشعيث في الحشو أو عدم فبوله ؛ فلنتخيل مثلا أن شاعرا أتى بهذا البيت :

فبدلا من أن ينظم الآتي مثلا : هل رأى الحب سكارى مثلنا ... كم بنينا من خيال حولنا

نظم ما يلي : هل في الحب سكارى مثلنا ...... كم عشنا في خيال حولنا

وبدلا من أن ينظم : وضحكنا ضحك طفلين معا ..... وعدونا فسبقنا ظلنا

نظم الأتي : وضحكنا ضحكا عذبا معا ..... وعدونا فاجتزنا ظلنا

فماذا تقول له القواعد التي سوف يتفق عليها ؟؟؟

هل تقول له هذا رمل مشعث لايجوز أبدا

أم تقول القواعد المنتظرة : لقد أخذت برخصة التشعيث؟؟؟

ولقد قال الأستاذ غالب أن عدم جوازه بالحشو مسألة قطعية ولا بأس بذلك _ وإن كنت أميل للتيسير غير الضار - المهم وضع قواعد واضحة ؛ وكل قاعدة يتم مناقشتها ؛ فإن تم الاتفاق عليها ؛فليتها تسجل في صفحة خاصة بهذا المنتدى وليس مهما أن يستغرق هذا الأمر سنوات ؛ بل المهم أن يتم البدء فيه ليظهر إلى الوجود تاما في يوم ما .

أما عن استخدامي لفظة إيقاع فقد استخدمتها مجازا وأقصد بها ما وضحته ؛ وفي الحقيقة فإني اقتبست هذه اللفظة بهذا المعنى من أحد الباحثين السودانيين الذي صمم برنامجا يدخل إليه القصيدة فيعطي البرنامج نتائج إحصائية لعدد الإيقاعات المستعملة بالمعنى المشروح ونسبة استعمال كل إيقاع وأيضا عدد الإيقاعات الغير مستعملة ؛ ومن هنا يتوصل الباحث إلى الإيقاعات الأكثر ورودا على ألسنة الشعراء والإيقاعات المهجورة من جانبهم ؛ مما يدل على وعورتها أوعدم سلاستها.

أما لفظة إيقاع بمعناها الموسيقي والنبري ؛ فأستاذنا غالب هو الأدرى بها ، وأتمنى أن يأتي يوم ا أستوعب فيه النواحي الموسيقية النبرية كما يفهمها أستاذنا غالب.

شكرا ا أساتذتي

دمتم بخير