النتائج 1 إلى 30 من 112

الموضوع: فلنفكّر

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    1,255

    Exclamation لغز المشيئة والقدر

    كيف يكون مسؤولا إذا كان لا يجري شيء في الكون إلا بمشيئة الله؟
    لقد منح الله الإنسان درجة من حرية الاختيار تتم عليها المحاسبة، ولكن لا يستطيع عمل شيء بدون مشيئة الله. يقول تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).( التكوير: 29) فكيف يكون المخلوق المكلف مسؤولا عن اختياراته ويحاسب عليها؟
    إذا وافقنا بأن الله هو خالق الإنسان ومانحه قدراته. وهو الذي يمنحها للإنسان بما في ذلك الهداية والعقل وحرية الاختيار، فإنه يلزمنا أن نوافق على أن الله قادر على أن يستردها في أية لحظة، ولكن إن مكنه من استعمالها وأخطأ فعلى الإنسان تقع المسؤولية.
    ولنزيل هذا الغموض دعنا نأخذ المثال التالي: افترض أن لديك أخا صغيرا يستطيع فهم الإرشادات (أي لديه عقل يميز به). وضعت أمامه طبقا فيه طعام مفيد ولعبة ملوثة بالجراثيم. ثم أفهمته بأن الطعام مفيد لصحته وأن اللعبة ملوثة بالجراثيم ولو لعب بها فإنه سيصبح مريضا (الهداية والإرشادات). ثم تركت له فرصة الاختيار بينهما (حرية الاختيار النسبية). وكل هذا وأنت تراقبه وهو تحت سيطرتك، تستطيع في أي لحظة منعه من الاقتراب من اللعبة وتستطيع أن ترغمه على اختيار الطعام لمصلحته. فإذا اختار اللعبة بمحض إرادته فإنه سيكون المسؤول عن نتيجة الاختيار.
    كيف يحاسب إذا كان لا يستطيع مخالفة ما هو مكتوب؟
    لقد وردت كلمة "القدر" في نصوص كثيرة، ومنها إجابة النبي صلى الله عليه وسلم على سؤال جبريل عليه السلام عن الإيمان. أجابه النبي صلى الله عليه وسلم: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره." (مسلم: الإيمان، بيان الإيمان).
    وعموما يلاحظ الإنسان أن هناك مدلولين لكلمة "القدر": القضاء أو الأمر الكوني، وتحديد واقع الشيء والتسجيل المتقن لما يجري في الواقع، من علم الله المطلق. وكما يقول أبو حنيفة "ولكن كتبه بالوصف لا بالحكم"، (أبو حنيفة، الفقه ص 39) أي أن الله لا يحكم على عبده أن يفعل كذا وكذا، ولكن يسجل أن عبده سيفعل كذا وكذا، منذ الأزل، من علمه الذي لا يحده قيد الزمان أو المكان أو الحواس المحدودة.
    أما علم المخلوق فمقيد بقيد الزمان، أي يدرك الأشياء مجزأة على أجزاء صغيرة. فمثلا لو أراد أن يعرف شكل قطعة الورق الصغيرة فإنه يحتاج إلى فحص كل وجه بصورة مستقلة ويحتاج إلى فترة زمنية. وعموما يمكن التمييز بين أربعة أنواع من العلم للمخلوقات:
    1 - علم اكتسبه في الماضي وهو عرضة للتشويه أو للنسيان.
    2 - علم يكتسبه في حاضره وهو أكثرها وضوحا، وقد تكون المعلومة نفسها، مثل نتيجة الامتحان، حاضرة لدى المعلم قبل إعلانه وتكون غيبا بالنسبة للطالب.
    3 - علم سيكتسبه في المستقبل عن شيء سيوجد في المستقبل، ويبقى غيبيا حتى يصبح المستقبل حاضرا أو واقعا.
    4 - تخيلات لمجموعة من الأشياء محتملة الحدوث إذا توافرت شروط حدوثها.
    وعلم المخلوقات مقيد بقيد المكان، وهذا ينعكس على علم المخلوق. فالناظر من مكان مرتفع -مثلا- يرى ما لا يراه الناظر من موقع منخفض. فبعض الأشياء التي يدركها الأول وأصبحت جزءا من علمه تعتبر غيبيات، بالنسبة للآخر، وغير موجودة. وكذلك الواقف عند ملتقى شارعين متعامدين يرى ما لا يراه الواقف في أحد الشارعين، بعيدا عن نقطة التقائهما. فالشارعان وما فيهما بالنسبة للأول يعتبر علما محسوسا، أما بالنسبة للآخر فأحد الشوارع وما فيه يُعد من الغيبيات.
    أما بالنسبة لعلم الله فلا يقيده قيد المكان أو الموقع، فليس هناك أشياء بعيدة أو مختفية وراء أشياء أخرى. بل كل شيء حاضر، فعلمه مطلق يحيط بكل شيء.
    وحواس الإدراك عند الإنسان محدودة، حتى إن بعض الحيوانات والحشرات لديها حواس أقوى من حواسه. فحدة نظر القطط في الظلام معروفة مثلا، وكذلك حدة حاسة الشم عند الكلاب لا تخفى على أحد.
    وفي المقابل، فإن علم الله لا يقيده قيد الحواس المحدودة. فهو السميع البصير العليم وصفاته جميعها مطلقة. وعلمه مطلق حيث يقول تعالى: (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه؛ وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين). ( يونس: 61)
    والقدر ليس إلا تسجيلا دقيقا متقنا لكل شيء يقع في الكون، من علم الله الذي لا يقيده قيد الزمان أو المكان أو الحواس المحدودة للمعرفة، وليس أوامر كونية، لا يمكن مخالفتها. ومن هنا جاء الاعتقاد بأنه "لا ينفع الحذر من وقوع القدر".
    ومثال ذلك أيضا – في مستوى البشر- أن تجمع معلومات دقيقة عن رحلة يقوم بها صديقك والأنشطة التي سيقوم بها، وتسجلها قبل سفره. فتحدث كما سجلتها؛ فهل نقول إنك أجبرته على فعلها؟
    وقد يصادف القارئ لنصوص القرآن الكريم والسنة نصوصاً يمكن فهمها بمعنى الجبر، ولكن عندما يعارضها بقوله تعالى)من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد) (فصلت: 46) يزول الغبش فورا. فالآية صريحة وقطعية الدلالة.

    جريدة الوطن :
    تساؤلات حول الإسلام وإجابات منطقية 29

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2004
    المشاركات
    209
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ((انثيال بوح)) مشاهدة المشاركة

    أما بالنسبة لعلم الله فلا يقيده قيد المكان أو الموقع، فليس هناك أشياء بعيدة أو مختفية وراء أشياء أخرى. بل كل شيء حاضر، فعلمه مطلق يحيط بكل شيء.

    فإن علم الله لا يقيده قيد الحواس المحدودة. فهو السميع البصير العليم وصفاته جميعها مطلقة. وعلمه مطلق حيث يقول تعالى: (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه؛ وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين). ( يونس: 61)
    والقدر ليس إلا تسجيلا دقيقا متقنا لكل شيء يقع في الكون، من علم الله الذي لا يقيده قيد الزمان أو المكان أو الحواس المحدودة للمعرفة، وليس أوامر كونية، لا يمكن مخالفتها. ومن هنا جاء الاعتقاد بأنه "لا ينفع الحذر من وقوع القدر".
    الأخت الأستاذة انثيال

    أحسن كاتب مقال الوطن وأحسنت النقل

    إن قرن انتفاء حرية الإنسان بعلم الله أو مشيئتة قد يعني أن حرية الإنسان لا تكون أبدا في حال وجودهما.

    ولا يمكن انتفاؤهما في حال ، لأن معنى ذلك أن يخرج شيء في الكون عن علم الله ومشيئته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

    إن حرية الإنسان لا تتنافى مع علم الله ومشيئته الحاصلين في كل حال.

    جزاك الله خيرا.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط