شكرا لك أستاذتي سحر ..
في عصر الخليل كان ضبط إيقاع الشعر عند الشعراء مظهراً للسليقة الإيقاعية ورهافة الخبرة السمعية فحسب .
ولأن استخدام الأرقام يصلح لمحاورة العقل لا محاورة السليقة، كان من المستبعد للخليل أن يستخدم الأرقام لغة حوار بينه وبين الشعراء، وربما كان بعضهم أو جلّهم أميّاً.
أعتقد أن الطريق المسلوك كان هو نفسه قبل الخليل وبعد الخليل .وقد خط الشعراء العرب ذلك الطريق قبل الخليل فسار عليه الخليل كما سار سواه . لكن الفارق الذي صنعه الخليل أنه كان يجيد وصف الطريق وإذا ما استقام الطريق أو اعوجّ فكان الخليل يدرك ويحلل ويفسر أسباب الاستقامة والتعرج والاعوجاج .فهكذا أصبح الخليل هاديا يستشار ويرجع إليه من قبل من يرغب بالمسير في الطريق نفسه من قبل من عاصره وجاء بعده .
العروض الرقمي مشروع إعداد علماء ، وفي كل فرع ومجال من العلوم العلماء قلة ،ولا أحب أن أجزم بأن العقلية العربية غير مؤهلة لتقبل العروض الرقمي ، فسوء فهم أهداف العروض الرقمي يشكل عائقاً نفسيا يحول دون تقبله ، وعدم وضوح مغزى رسالته في الأذهان يثير حوله الحيرة والشكوك .وكل ذلك بسبب اختلاط المادة العلمية المدروسة فيه .فهو يدرّس مادة العروض في الوقت الذي ينفي فيه أن تكون مادة العروض بحد ذاتها هدفاً له . وبعبارة أوضح : هو يدرس النظام الشمولي بطريقة تدريجية عبر مادة العروض المفككة أصلا كما تم الحصول عليها من كتب العروض ، ولكن النظام الشمولي في التصور الذهني عند الدارس الرقمي يبقى غير مكتمل خلال مراحل التدرج بسبب عرض المادة بطريقة مفككة ..وأعلم خطورة ما أقوله هذا عند الأستاذ خشان ..،فتدريس النظام الشمولي يجب أن يتناسب مع الأهداف وليس مع طبيعة المادة المدروسة ..وليتنا نفتح حوارا في موضوع خاص عن هذه النقطة الحساسة في تدريس الرقمي .
لا يا أستاذتي سحر
لا ينبغي تشجيع الأستاذ خشان على المضي في إنكار الذات وطمس الجهد والتعب خلال سنوات طويلة . فهذا ليس عدلاً وليس حقاً .بل ينبغي المطالبة والعمل على إظهار حقيقة دوره في التوجه لتأسيس هذا العلم الجديد . وهناك مباحث حديثة في هذا العلم تحتاج للمتابعة الأكاديمية في البحث العلمي مثل مبحث م/ع ، وهرم الأوزان ، والكم والهيئة ولن يكون لها الازدهار إلا بالاعتراف بالعروض الرقمي علما تفتح له المختبرات الجامعية .
فإنكار الجهد في هذه المستحدثات والخجل من خلع عباءة الخليل أمر شديد الضرر ، ويلحق الأذى بمستقبل تطور أبحاث العروض الرقمي المنفتحة على كافة العلوم الأخرى .
نعم التواضع جميل ، ولكن الأجمل منه أن نجبر من يدير ظهره لنا تكبراً واستخفافا ًعلى الالتفات إلينا والتحديق فينا . والعروض الرقمي يستحق هذا التحدي وهذا النضال .
المفضلات