العرض النظري (2)

وتتمحور الدورة الثالثة حول بحري الكامل والوافر،إذ إنهما يشتركان في الفاصلة ((4)، ويمكن أن تكون 4، أما 4 فتشمل الصيغتين كلتيهما.
وبعد أن يقارن الباحث بين البحرين ويبرز التداخل بينهما، ينتقل للحديث عن بحري الرجز والهزج نظرا للعلاقة القائمة بين سببيهما وفاصلة الكامل والوافر، كما يتضح من الجدول الآتي:
الفاصلة 4 واحتمالاتها
السببان الخفيفان 4 واحتمالاتهما
((4)= 1 1 2 = 1 3
4 = 2 2
4 = 2 2 = 1 ه 2
3 = 1 2
ليس فيها زحاف حذف
2 1

1 1

فيهما زحاف بالحذف حيث إن 1 دائما أصلها 2 وهكذا فإن 1 1 - مثلا - لا يساويان (2) وإنما يرجعان إلى أصلهما 2 2
حيث نلاحظ أن الفاصلة والسببين يتقاطعان في 4 ، لكن هذه الصيغة تمثل الأصل في السببين وهي قابلة للزحاف بالحذف، بينما هي نتيجة زحاف في الفاصلة ولا تقبل الحذف[1].
وبناء على ما سبق نكون أمام ثلاثة احتمالات:
فوجود (2) يعني انتماء القصيدة للكامل أو الوافر[2].
ووجود 1 يعني انتماء القصيدة للرجز أو الهزج.
وجود 2 2 يعني اعتبار الرجز حالة من حالات الكامل أو الهزج حالة من حالات الوافر.
وبعد أن يعمل الباحث جاهدا في الدرس الثالث إلى تبرير تحول 3 إلى 2 في ضرب الكامل الذي يصبح 2 2 2 باعتبار أنه تم "دخول الوتد بعد الأوثق في سياق خببي فقد وتديته وخواصها وانخرط في خببية السياق"[3]، غير أنه إذا زوحف أحد الأسباب في الضرب بتحول 2 إلى 1 سنكون بصدد بحر آخر إما الرجز الذي يكون ضربه 1 2 2 = 3 2 أو السريع الذي يكون ضربه 2 1 2 = 2 [4]3.
وحديث الباحث عن الرجز والهزج فرض عليه الحديث عن بحر الرمل لاشتراكه مع هذه البحور في دائرة المجتلب، ويختصر الكلام عن هذا البحر بالإشارة إلى أهم صوره: 2 3 4 3 4 3 2 3 4 3 4 3 2.
وفي الدورة الرابعة يتوسع الباحث خشان في الصيغة الرقمية 2 2 2 = 6، إذ يرى أن هذه الصيغة في الحشو تميز بحر الخفيف وبحور دائرته، لكنها تشترك مع الكامل والرجز في منطقة الضرب.
كما يفصل الحديث عما يسميه "التخاب" ويشرحه قائلا: "التّخاب، والأصل تخابُبْ على وزن تفاعُل التي تعني المشاركة أي دخول السبب الخببي 2بصفاته إلى البحر الذي يحوي 3"، وهكذا يرى الباحث أن زحاف السبب الثاني بعد الأوثق في منطقة الضرب ينتج موزونا لا شعرا.
أما في الحشو فيقع عند الأسباب الثلاثة 2 2 2 وهي أقصى ما يتتالى من أسباب في بحور الشعر العربي، فيرى أن السبببين الأول والأخير ثابتين لا يتغيران 2 أما السبب الثاني فيجوز أن يزاحف أو يبقى على هيئته.
وتأتي الدورة الخامسة استطرادا للحديث عن 2 2 2 ومن خلالها بحور دائرة المشتبه وهي الخفيف ومجزوؤه والمنسرح والمضارع والمقتضب والمجتث والسريع. وهذا ما يؤكده قوله: (وجود الرقم 6=2 2 2 في الحشو هو في الأصل القاسم المشترك بين بحور هذه الدائرة. وهذا الرقم يشكل أعلى جرعة سببية في الإيقاع البحري، ولا يطيقه من بحور هذه الدائرة إلا البحران الطويلان (كل منهما 9 مقاطع) تبلغ نسبة التركيب السببي المجتمع فيها 3/9 =33% ، على أنه يستحب فيهما أن يكون السبب الأوسط {2} فتتحول 6 = 2[2]2 إلى 32 جوازا مستحبا يخفف به الوزن سمعيا من جرعة (السبب المقترن بشبهة الخبب) في حشوه، وأما بقية البحور القصيرة ( المضارع –المقتضب – مجزوء الخفيف ) فإن هذه الجرعة السببية الأقرب للخبب لها من التركيز ما لا تطيقه هذه البحور إذ تبلغ نسبتها فيها 3/6 = 50% ولهذا يجب فيها أن يكون السبب الأوسط [2] فتتحول 6 = 2 [2] 2 إلى 2 1 2 = 32 وجوبا يخفف به الوزن سمعيا من جرعة (السبب المقترن بشبهة الخبب) في حشوه.أما المجتث فيكاد لا يجمعه مع هذه البحور جامع لخلوه من الرقم 6 ولكني أضفته لتصنيف كتب العروض له على هذا النحو. والنتيجة الوحيدة المترتبة على هذه النسبة هو ثبات السبب الثاني 2 من 4 فيه 2 2 3 2 3 2، وعندما ننسبه لسوى هذه الدائرة لا يجب فيه الثبات.)[5].
ويخصص الدورة السادسة لبحور دائرة المختلف: الطويل والبسيط والمديد، وبعد أن استعرض أنساقها الرقمية[6]، فصل في إيقاعات الشعر العربي التي قسمها إلى ثلاثة أصناف:
"1-إيقاع الخبب وأسبابه كلها 2 خبيبة تأتي 11 =(2) و 1ه=2 عدا ما في آخر الشطر فهو 2

2- الإيقاع البحري البحت وهو عبارة عن تناوب الرقمين 2 و 3 وأهم صورتيه 2 3 وسببه بحري يحذف ساكنه فيصير 1 ولا يتحرك لا يكون 11 = (2) أبدا

3-الإيقاع المزدوج الذي يحوي الفاصلة 2 2 = 4 و الوتد 3 وهو مزدوج لاحتوائه السبب الخببي 2 وخاصة عندما يكون ثقيلا (2) وكذلك الوتد .

وفي الدورة السابعة يفصل الباحث في بحر الدوبيت ذي الأصل الفارسي[7] ، ومن أشهر صوره :

2 2 (2) 2 332 (2) 2
4 1 3 3 3 2 1 3
ويرى أن من علامات خروج هذا الوزن – ويفضل عدم تسميته بالبحر – على العروض العربي "وجود ستة أسباب تسبق الوتد الأوثق" علما أن "أعلى جرعة سببية في حشو سائر بحور الشعر العربي هي 222=6 في بحور (دائرة المشتبه – د) أما في سواها فلا تزيد عن سببين 22=4"
هذا إلى جانب وجود 4 1 3 في أول البيت، وهي "تمثل قفزة خببية في السمع تعتبر خرقا لخواص الإيقاع البحري"
ثم يتحدث عن البحور المهملة والتصريع والتقفية ...وأقتبس من آخر دروس هذه الدورة فقرة مهمة يقارن من خلالها بين عروض التفاعيل والعروض الرقمي في معرض حديثه عن زحافي القبض والكف:
(لماذا سمي حذف ساكن الرقم 2 مرة قبضا وأخرى كفا ؟ لأن اسم الزحاف يختلف باختلاف حدود التفاعيل وموقعه من بداية التفعيلة.
هنا تبدو لنا بدايات اختلاف بين الرقمي والتفعيلي، فوحدة الرقمي هي المقطع وبالتالي فلا تفاعيل ولا حدود ولذا لا تختلف تسمية الزحاف لعدم وجود مصدر الاختلاف. هذا من جهة وممن جهة أخرى فإن التعبير بالتفاعيل يحمل تمثيلا نغميا سمعيا لوزن البحر الأمر الذي لا يحمله التمثيل الرقمي).

[1]- يستشف من هذا أن الباحث لا يقول بوقص الكامل ولا خزله، وكذلك لا يقول بالعقل والنقص في الوافر وهذا ما يؤكده قوله اكثر من مرة إن تحول 2 إلى 1 ""ثقيل ثقيل ولن نخسر شيئا إذا اعتبرناه من باب الشذوذ في العروض كما لم يخسر النحو شيئا من اعتبار ( أكلوني البراغيث ) شذوذا"، لكنه يعود في آخر الدورة ليتحدث عن "الكامل الرجزي" وهو ما يتضمن زحافي الوقص والخزل، ويرى أن هذا البحر "إنما وجد ليقي الكامل ما لا يليق بفاصلته من زحاف".

[2]- من المعلوم أن موقع 3 هو الذي يحدد طبيعة البحر فإن كانت في الأول فهو وافر أو هزج وإن كانت بعد الزوجي أو ما أصله زوجي فهو كامل أو رجز.

[3]- يقصد بالأوثق : آخر وتد ثابت قطعا. وهو وتد متفاعلن الأخيرة في الحشو.

[4]- لكن الباحث في آخر هذه الدورة يستدرك ويقول باستساغة أن يكون ضرب الكامل: 2 1 3 إذ يقول: ليس في عروض الخليل ضرب ( آخر عجز) 2 1 3. ولكني أجد الوزن مستساغاونحن في هذا بين أمرين: إما أن نعتبره شعرا التزم في ضربه هذا الزحاف المفترض أنه ثقيل أو نعتبره موزونا بضرب جديد لم يقل به الخليل، وسر قبوله أن تحول 2 23إلى 2 1 3 = 2 (2)2 تم بعد الأوثق". ثم يعود في الدورة اللاحقة ليعتبره موزونا لا شعرا.

[5]- يلاحظ غياب حديث الباحث عن بحر السريع، كما تتجلى سلطة دوائر الخليل – وهو ما يقره الباحث – مما جعله يفترض الرقم 6 لبحور لم ترد فيها هذه الصيغة في الاستعمال الشعري، مما سأوضحه في محور قادم.


[7]- يقول خشان "الدوبيت وزن فارسي استعرب ، دو = إثنين وهي صفة تسبق الاسم في الفارسية"