للمصطلحات وظلالها فعلها في الفكر

ظل المسملون منذ فتحوا الأندلس حتى أواخر عهدهم بها يدعون بالمسلمين وترتب على ذلك نهضة المسلمين لهم لحمايتهم والذود عن الأندلس على يدي المرابطين والموحدين، وعندما انحطت الأمة وضاعت الأندلس نشأ في الغرب اسم المورسكيين وتم تبنيه لدى المسلمين فيما بعد، وحتى من لم يتبناه وتبنى نظيرا معربا له ( الأندلسيين ) فقد أعطى المسلمين هناك هوية متميزة عن بقية أمتهم، وما فتئ هذا السم أن سرى في تفكير الأمة وامتد واشتد وعم وطم حين صار النظر للأندلس وكأنها قضية الفلسطينين وحدهم.

هذه قصيدة وجهها مسلم أسير في الأندلس يتظاهر بالردة عن دينه إلى السلطان بايزيد الثاني ثامن سلاطين بني عثمان:




- 1 -
سلام كريم دائم متجـدد**أخص به مولاي خير خليفـة
سلام على مولاي ذي المجد و العلا**و من ألبس الكفار ثوب المذلـة
سلام على من وسع الله ملك--ـه**و أيده بالنصر في كل وجهـة
سلام على مولاي من دار ملكـه**قسنطينة أكرم بها من مدينـة
سلام على من زيـن الله ملكه** بجند و أتراك من اهل الرعايـة
سلام عليكم شرف الله قدركم**و زادكم ملكا على كل ملـة
سلام على القاضي و من كان مقلـه**من العلماء الأكرمين الأجلـة
سلام على أهل الديانة و التقـى**و من كان ذا راي من أهل المشورة
سلام عليكم من عبيد تخلفـوا**بأندلس بالغرب في أرض غربة
أحاط بهم بحر من الروم زاخـر**و بحر عميق ذو ظلام ولجـة
سلام عليكم من عبيد أصابهـم**مصاب عظيم يالها من مصيبة
سلام عليكم من شيوخ تمزقـت**شيوبهم بالنتف من بعد عـزة
سلام عليكم من وجوه تكشفت**على جملة الأعلاج من بعد ستـرة
سلام عليكم من بنات عوائـق**يسوقهم اللباط قهرا لخلـوة
سلام عليكم من عجائز أكرهت**على أكل خنزير و لحم لجيفـة
نقبل نحن الكل أرض بساطكـم**و ندعو لكم بالخير في كل ساعة
أدام الإلـه ملـكم و حياتكم**و عافاكم من كل سوء ومحنـة
و أيدكم بالنصر و الظفر بالعـدا**و أسكنكم دار الرضا والكرامـة
شكونا لكم مولاي ما قد أصابـنا**من الضر و البلوى و عظم الرزيـة
غُدِرنـا و نصِّرنـا و بـدل ديننـا**ظلمنا و عومِلنا بكـل قبيحـة
و كنا على دين النبي محمـد**نقاتـل عمـال الصـليب بـنية
و نلقى أمورا في الجهاد عظيمة**بقتل وأسر ثم جـوع وقلـة
فجاءت علينا الروم من كل جانـب**بسيل عظيم جملة بعدجملة
و مالوا علينا كالجـراد بجمعهم**بجـد و عـزم من خيـول وعدة
فكنا بطول الدهر نلقى جموعهم**فنقتل فيها فرقة بعد فرقـة
و فرسانهم تزداد في كل ساعـة**و فرساننا في حال نقص وقلة
فلما ضعفنا خيموا في بلادنـا**و مالوا علينا بلدة بعـد بلـدة
و جـاءوا بأنـفـاط عـظام كثيـرة**تهدم أسوار البلاد المنيعــة
و شدوا عليها في الحصار بقوة**شهورا و أياما بجد وعزمـة
فلـما تفـانت خيلـنا و رجالنا**و لم نر من إخواننا من إغاثة
و قلت لنا الأقوات و اشتد حالـنـا**أطعناهــم بالكره خوف الفضيحـة
و خوفـا علـى أبنائنـا و بنـاتنا**من ان يؤسروا أو يقتلوا شر قتلـة
على أن نكون مثل من كان قبلنــا**من الدجن من أهل البلاد القديمة
و نبقي على أذاننا و صلاتنـا**و لانتركن شيئا من امر الشريعـة
و من شاء منا البحر جاز مؤمَّنـا**بما شاء من مال إلى أرض عـدوة
وما غيـر ذاك مـن شـروط كثـيرة**تزيد على الخمسين شرطا بخمسة
فـقال لنا سلـطانهم و كبيرهـم**لكم ما شرطتم كامـلا بالزيـادة
و أبـدى لنـا كتبا بعـهد و موثـق**و قال لنا هذا أماني و ذمتي
فكونوا على أمولاكـم و دياركـم**كما كنتم من قبل دون أذيـة
فلما دخلنا تحـت عقـد ذمامهم**بدا غدرهم فينا بنقض العزيمة
و خان عهودا كان قد غرنا بـها****و نصّرنا كرها بعنف و سطوة
و أحرق ما كانت لنا من مصاحف**و خلّطها بالزبل أو بالنجاسـة
و كل كتاب كان في أمر ديننـا**ففي النارألقوه بهزء و حقرة
و لـم يـتركوا فـيها كتابا لمسلم**ولا مصحفا يخلى به للقـراءة