أخي الفاضل الأستاذ خشان رعاه الله .
من ملاحظاتي الدقيقة لأسئلتك يا عزيزي كأنك تخشى على العروض الرقمي من نظرية النبر , ومن عمليات الكمّ اللاحقة به , ولكن أحب أن أطمئنك , بأن العروض الذي استمر قروناً طوال لم يكن يعتمد على النبر , لأن النبر عملية يصفها العروض والعروضيون وصفاً بألقاب التفاعيل , فقالوا مكشوف , وقالوا مقطوع , فاعلم لو أن المكشوف هو نفسه المقطوع لما أجهد الخليل نفسه في وضع هذه الألقاب , لكنه ينبه المنشد في قوله, يجب عليك أن تعرف مكان حركة الوتد المحذوفة لتحسب حسابها الدقيق لعملية تنظيم الإيقاع , ولقد عرّفت لك الإيقاع , بأنه انتظام في الحركة والزمن ,ثم اعلم يا أخي بأن للشعر حساب دقيق من حيث كم حروفه وأزمانها المرافقة لها , وأن البيت الشعري له شطران يجب أن يكونا متساويين على الأقل بعدد الحروف ( الكم المقطعي ) هذا إذا أردنا أن نتجاهل النبر وفاعليته في التنظيم الإيقاعي , ثم يا أخي أستاذ خشان لماذا لا تستعين بعروضي موسيقي , ألم تجد واحداً يعينك غيري على إدخال هذه المعلومة التي طالت سنوات ونحن في المكان نفسه ؟
أخي خشان إن أسئلتك هذه التي تكررها عليّ , موجودة في ردود كثيرة ومناقشات سابقة , فارجع إليها يا عزيزي لعلها تفيدك .
ولكن أحب أن أفيدك بأن المهتمين في الشعر ونقده هما اثنان لا ثالث لهما :
إما أن يكون يفهم بالموسيقى ولا يتعمق بأسرار الخليل كالعياشي , الذي ذم الخليل , بل شتم عمله , وهذا جهل بعمل الخليل .
وإما أن يكون عروضياً لا يعرف شيئاً عن الموسيقي , علماً أن العروض يحتاج ناقده إلى عروضي وموسيقي متعمق وموسيقي متعمق , وغير ذلك لا بد من وجود اختلاف في وجهات النظر ,
إن العياشي إن كان موسيقياً محترفاً فهو يركز على ( الاهتضام ) فيجعل من التفعيلة السباعية سداسية المقاطع , وأنا أقول بإمكان الموسيقى أن يفعل ذلك , وقلت لك بإن العروض يرفض ذلك , علماً أن العياشي يؤمن بالكمية , حتى ولو كانت التفعيلة السباعية قد عملها سداسية فيعني ذلك أن جميع التفاعيل عند الاهتضام ستكون سداسية ,ألم يقل في كتابه ((( وهكذا تصبح كل التفاعيل متساوية ويكون اهتضام فاعلاتن جعلها متساوية مع فعِلاتنوفعْلاتن فلا زحاف))،هذا الاهتضام جعله يسخط التفعيلة لكي يتخلص من الزحاف , وهذا ما لا يفعله العروضيون , لأجل أن يتعادل الشطران بالكم والزمن , ثم إن العياشي لا يؤمن بالتفاعيل بالرغم من استعماله لها , لا يؤمن بها بل يريد أن يخترع نظاماً جديداً لسير الإٌيقاع بالاعتماد على الشعر نفسه , وهذا أمر جيد لو استطاع إلى ذلك سبيلا , ألم تعلم بأن الأحذ وهو عبارة عن مقطعين فقط من مقاطع تفعيلة الكامل لا تكون في الكامل إلا رباعية الوزن , ولكن كيف يكون ذلك وهي لا تزيد على مقطعين ؟؟
نعم إن الموسيقى تسطيع أن تمد زمن الصوت بمقدار التفعيلة السباعية , ليتعادل الوزن . وماذا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك ؟
نأتي الآن إلى الأسئلة لنجيب عليها :
(((" فبالنبر يستقيم الوزن وتتعادل الأزمنة بالكم المقطعيوالزمني". وقد سبقته آراء لك مشابهة تجعل التساوي الكمي أساسا لصحة الوزن كماالنبر " ويذهب هذا المذهب في صحة الوزن دون تطرق للنبر الأستاذ محمدالعياشي . )))
وجوابي على هذا أقول :
إن زمن النبر سيبقى خارج نطاق العروضي , إلى أن يحين وقت إنشاد البيت فقط فتحسب كميته , وقد ذكرت هذا في المناقشات السابقة .
ثم تقول :
(((وهنا لي سؤال، لو كان الكم وحده هو الحكم فلماذايكون خبن مستفعلن الأولى في البسيط مستساغا، وخبنها في مستفعلن الثانية ثقيلا ،ولماذا يكون طي مستفعلن ثقيلا))
وجوابي , لا يوجد زحاف مليح وزحاف سيء , فالزحاف هو النقص في كم التفعيلة ويجب تعويض هذا النقص بأي طريقة كانت , لكن المقطع الأول في البيت الشعري , فلم يتأثر المنشد من زحافه , أو حتى في زيادة سبب له ( الخزم ) أو نقص حركة الوتد ( الخرم ) لأن المنشد يخدعنا بالصوت الأول ويصحح عمله دون إحساس منا , أما الطي وباقي الزحافات في الحشو , فأراها ناقصة الوزن .
وتقول:
(((وهذا يجر سؤالا آخر. وأنا أحرص على البعد عن الحوارفي النبر لعدم لمسي له كواقع في سياق الشعر. ولكن من منظورك الذاتي للنبر أسأل
كيف يكون في فعْلن الخببية نبرولا وتد في الخبب. والنبر إنما هو على السبب السابق للوتد.))
النبر الخببي يا أستاذ خشان نبر متوسط ليس له تأثير البتة على الوزن , لأن فيه التكافؤ , الزمني والمقطعي , ويتميز النبر هنا بالصوت فقط مع زيادة ولو حركة لنميز صوت السبب الأول عن صوت السبب الثاني .
وتقول:
(((كنت أحسب أنكترى السبب السابق للوتدمكانا للنبر لصفة ذاتيةفيه وليس لعدم صلاحية الوتد.
1- إن الوتد لا يعتريه تغيير إلا في أول البيت وآخره بينما السبب يعتريهالزحاف في كل موقع عدا آخر البيت، فهو أشد تغيرا من الوتد.
2- إذا صح التماس النبر على السبب لعدم أهلية الوتد فلماذا انصرف النبر إلىالسبب السابق للوتد وليس إلى السبب اللاحق له.
3- وسؤال ينبثق من السؤال السابق, هب أني أحسست أن السبب اللاحق للوتد هومحل النبر ورحت أصف إحساسي مقتبسا نفس ما تفضلت به أنت مستبدلا بكلمة ( قبل ) فيعبارة (قبل الوتد ) كلمة ( بعد) ومحوّرا بقية السياق على هذا الأساس ثم قمنا بعرضالطرحين على حكم ليفاضل بينهما فما هو معياره البين الموضوعي للحكم؟ )))
الجواب :
أخي خشان
نأخذ التفعيلة السباعية , فلا يوجد لها إلا سببين ووتد . وقلت أكثر من مرة بأن الوتد هو أساس التفعيلة رغم وجود كثرة العلل التي تصيبه , وإن الوتد يحمل نبراً متوسطاً ظاهراً , وبإمكان المنشد الاعتماد على هذا النبر إن شاء , ويجعله النبر الأساسي لكل تفعيلة , ولكن هذا العمل لقي رفضاً تاماً من قبل العروضيين أنفسهم , لآنه سيقع النبر على ( عووو ) من فعووو , وهذا ما نادى به فايل , ويبقى البحث عن النبر الأساس , ولا بد أن يقع على أحد السببين ( السبب الأول الذي يمكن أن يكون سبباً ثقيلاً في الكامل والوافر وغيرهما , والنبر لا يقع على سبب ثقيل لتعذر ذلك لفظياً , ونقول في هذه الحالة , لم يبق إلا السبب الثاني المجاور للوتد لنرشحه ليكون حاملاً للنبر القوي , حتى وإن أصابه الزحاف ,
أشكرك أستاذ خشان , وتحياتي وربي يعطيك الصحة والعافية
المفضلات