قصيدةُ (مدائن الصمت) 🌸
من [الخفيف]

إيهِ يا قلبُ.. كم فراقٍ تبَقّى
كي يموتَ الفؤادُ شوقًا وعشقا

كي يجفّ الربيعُ من بعد خصبٍ
وزهوري من غيمة الفقد تسقى

كم دروب مدَدْتُها باصطباري
لأذوق النوى لهيبًا وحُرْقا

كلّما أرهقَ اللقاء انتظارا
أرهقتهُ نوافذُ العمْر طرْقا

أتعبته مدائن الصمت حتى
أشبع اللهفة الأسيرة نطقا

يلفظ الحزن.. غير أنّ المآسي
قد شنقْنَ بلابلَ الحبّ شنْقا

حاصَرَتْ صبره الهموم ولاذت
بجدار لم يستطع معه خَرْقا

يا بعيداً.. قد حال دون اقترابي
يا كثيرًا خذ من قليليَ و ارقى

خذ فؤاديْ.. وعانقِ الحلمَ نجوىً
أتَذَرْني يا سيّدَ القلبِ أشقى؟؟

أتَذَرْنِي في مَهْمَهاتِ الليالي
أحصدُ النّجمَ كيْ أُدانيكَ أفْقا!

إيهِ يا قلبُ.. حاصروني بقيدٍ
ما رجوتُ انفكاكَ.. أو منه عِتْقا

گ الندى.. گ الغمام بيض الأيادي
گ الرحيق المختوم ينساب دَفْقا

گ الخزامى.. گ النخلِ يثمرُ حبًّا
گ الجمانِ النّضيدِ قدْ زانَ عُنْقا

كيفَ يا سيّد الأهازيجِ جاءتْ
تجتبيكَ الناياتُ للقلبِ خَفْقا

ولماذا اصطفتكَ عينُ السّواقي
لتبثَّ الحياةَ في الطّينِ خَلْقا

إنّ للشّوقِ في الفؤادِ وجيبٌ
واضطرابٌ يشقُّ قلبيَ شَقّا

فامْدُدِ الحبَّ* من يديكَ قصيداً
واسْكُبِ العِشْقَ* من غَماميَ وَدْقا

واعزف* اللحن.. لا تهاب القوافي
واعبر العمر من قوافيك برقا

واغزل السعد من خيوط الأماني
بِيَدِ الشّعرِ كي ترتّقَ فتْقا

مرهقٌ أنتَ.. مثل نجم صغير
لم يكد يغلب*الصباحات سبْقا

گ اتّقادٍ.. في حالكات الدّياجي
گ انتفاءٍ.. لم يخش في البعد مِزْقا

مزّقتْه الخيبات مذ أوّلِ الشوقِ
فأمسى لا يسأل الحبّ رفقا

گ احتدامٍ في لجة العمر يأتي
گ وصالٍ فيه التباريح غرقى*

فيلق من صبابةٍ وحنين
تخذ الشمس.. في غيابك رِقّا

يا ابن قلبي.. أدمنتُ بُعدك* حتى
استحالت دموعيَ اليوم وِرقا

فاستدار الزمان يرجو وصالاً
حين كان الوصال في الحب رزقا

لم يزل في يديك عطر عناقٍ
كلما ضمّه الصّبا ذاب نشْقا

يوم كان الغرام محض اشتعال
بسهام اللحاظ يأتين رشقا

من سحيق الظلام جئنك نورًا
من سماء الضياء جئنك عمقا

فلمَ اليوم تستلذّ بجرحي..؟
تحتسي الآه من كؤوسيَ عِذْقا

ليس ذنبي* يا سيد القلب.. لكن
رنّحتني الأيام غرباً وشرقا

وامتطت صهوة الأماني قلوبٌ
للمعالي تستمطر الحب صدقا

لم يزالوا على ودادي شهوداً
لم يزالوا ببحر حبّيَ غرقى

* *
#هدهدة_حرف