أخي الأستاذ خشان
بارك الله فيك ورعاك
في مداخلتي الأولى ذكرتُ أن مثل هذه القوافي ربما كانت من تأثير اللهجة العامية، أو تأثير بعض اللهجات العربية القديمة، وأشرت إلى ما بقي في الذاكرة من طرائق الوقوف على الفواصل القرآنية.
وعندما عدتُ إلى كتاب القوافي للأخفش (ص94 فما بعد) رأيته يتحدث عن هذه الخاصية في العربية، حيثُ أشارَ إلى أن الشاعر إذا احتاجَ إلى مثل حركة (بكْر) في الرفع قال: (بكُرْ)، وفي الجر (بكِرْ)؛ حرَّكَها بحركة [الحرف] الآخِر.
وأما في النصب، فيحركها على حركة ما قبله، فيقولُ: رأيتُ (البَكَرْ) و[حفظتُ](العِلِمْ)، و[هدمتُ](الجُحُرْ)، وذلك لأنهم قد يتبعونه الأوّلَ في الجر والرفع فيقولون: (هِنِدْ) إذا وقفوا، و(هذا عِلِمْ).
وضرب لذلك مثالاً، قوله:
علَّمَنا إخوانُنا بنو عِجِلْ
الشغْزَبِيَّ واعتقالاً بالرّجِلْ
وفي باب ما يجتمع في آخره ساكنان في قافية يقول:
وذلك لا تبنيه العربُ إلاّ أنْ يجعلوا الأولَ منهما حرفَ لين ... لأنه لمّا اجتمع ساكنان كان ذلك مما يثقُلُ. ولا يكون في الإدراج ... فأدخلوا المدَّ واللين ليكونَ عوضاً من ذهاب التحريك، وقوةً على اجتماع الساكنين.
لكنه قال: وقد جاء بغير حرف لين، وهو شاذ لا يُقاس عليه، قال:
أرْخِينَ أذيالَ الحِقيّ واربَعْنْ
مشيَ حَييّاتٍ كما لم يفزَعْنْ
إن يُمنَعِ اليومَ نساءٌ تُمنَعْنْ
وقد أخبرني بعضُ من أثق به أنه سمع:
أنا جريرٌ كُنيَتي أبو عَمْرْو
أَجُبُناً وغَيْرةً تحتَ الستْرْ
وقد سمعتُ من العرب:
أنا ابْنُ ماوِيّةَ إذْ جَدَّ النّقْرْ
أسكنَ القاف.
المفضلات