أحق مني بالمدح في أمر الرقمي - كمثال على اعتماد الفهم والتفكير - ثلة تتقدمهم أستاذتي زينب هداية. ممن بدؤوا بدراسته وفيه من القصور والأخطاء الكثير، فلم يصرفهم ذلك عنه بل عملوا على التفاعل والتصويب والارتقاء به حتى غدا على درجة نزعم أنها الأقرب عبر العصور – إن لم تكن الفريدة في ذلك – للتواصل مع شمولية وتجريد فكر الخليل بن أحمد لا مجرد فهم جزئيات تجسيد نتاجه.
وما كان لهؤلاء أن يثابروا لولا إدراكهم لوجود مبدإ الشمولية فيه والتفكير وسيلة لاستكشافها حتى دون معرفة أبعاد ذلك بشكل كاف. ورغم صعوبة الاستكشاف والتعثر بل والخطأ في تلمسه أحيانا.

إن إدراك وجود كل ينتظم الأجزاء في كل نواحي المعرفة والحياة هو الضامن لتفعيل التفكير وارتقائه من خلال الخطإ والصواب في مسيرة البحث عن ذلك الكل. إن وجود دافع لاكتشاف الحقيقة يمثل إيمانا بوجود تلك الحقيقة حتى قبل معرفتها معرفة كافية.

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿76﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿77﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴿78﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿79﴾ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗوَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿80

هذا الصعيد من التفكير الذي لا يرى في أية جزئية إلا سبيلا للوصول إلى الكلي، هو النهج الذي سار عليه الخليلان إبراهيم عليه السلام في إيمانه وابن أحمد يرحمه الله في علمه، وهو سبيل النهضة الصحيحة. وحين يلم بذلك عقل واع يلازمه التفكير كعقل أستاذتنا زينب يصبح مفهوما عنوان مقالها :" الرقمي منهج حياة " .

وبدون معرفة ما تقدم فلا يمكن فهم قولها على حقيقته.

لأستاذتي شكري الجزيل وإني بها لفخور.