النوع الثاني:



10. الخلع: هو أن يأخذ الشاعر بيتا لشاعر آخر لفظه ووزنه، ومعناه، وصيغته، فيركب عليه قافية غير قافيته الأولى،

ويلحقه بشعره، فيصير له على مذهب العرب مثل قول امرئ القيس:

وقوفا بها صحبي علي مطيهم ..... يقولون: لا تهلك أسىً وتجمّلِ

خلعه طرفة فقال:

وقوفا بها صحبي علي مطيهم ..... يقولون: لا تهلك أسىً وتجلـّدِ

فلم يغير في البيت غير قافيته فحسب.

ويأخذ ابن آيدمر على المتنبي وقوعه في مثل هذا في قوله:

وإني لتغنيني عن الماء نغبة ... وأصبر عنه مثلما تصبر الرٌبدُ

خلعه من قول مروان بن أبي حفصة:

وإني لتغنيني عن الماء نغبة ... وأصبر عنه مثل صبر الأباعر

فهذا لا يليق بشاعر سار ذكره، واشتهر بالأدب والحذق في صناعة الشعر.

11. الاصطراف: وهو صرف الشاعر إلى قصيدته بيتا أو أكثر يستضيفها إلى نفسه، ويصرفها عن قائلها.

ومن الشعراء الذين كانوا يكثرون من الاصطراف كثير عزة الذي كان كثيرا ما يصرف شعر جميل إلى نفسه مثل قول

جميل:

ولا يلبث الواشون أن يصدعوا العصا .... إذا هي لم يصلب على البري عودها

فاصطرفه كثير في قصيدته التي يقول فيها:

نظرت وأعلام الشرية بيننا .... فبرق المرورى الدانيات وسودها

12. الإغارة وهي أن يسمع الشاعر الفحل الأبيات الرائقة لشاعر آخر فيستنزله عنها قوة وقهرا يغتصبها عنوة وقسرا،

فيسلمها قائلها إليه، والفرزدق من أكثر الشعراء الذين كانوا يغيرون على أشعار غيرهم. قال ابن سلام: "قال ذو الرمة يوما:

لقد قلت أبياتا إن لها لعروضا، وإن لها لمرادا، ومعنى بعيدا، فقال له الفرزدق: وما قلت؟

قال: قلت:

أحين أعاذت بي تميم نساءها .... وجُرِّدت تجريد اليماني من الغمدِ
ومدّت بضبعيّ الرباب ومالكٌ ... وعمروٌ وشالت من ورائي بنو سعدِ
ومن آل يربوع زهاءٌ كأنه .... دجى الليل محمودُ النكاية والوردِ

فقال له الفرزدق: لا تعودن فيها؛ فأنا أحق بها منك"

13. الاجتلاب والاستلحاق: وهو أن يأخذ الشاعر بيتا على سبيل التمثيل، فيدخله شعره اجتلابا واستلحاقا.

وبعض علماء الشعر كانوا لا يرون ذلك عيبا مثل يونس بن حبيب. وأما أبو عمرو بن العلاء فيرى أن الاجتلاب سرق،

وذهب مذهبه ابن آيدمر والحاتمي من قبله ودللا على ذلك بقول جرير معيرا الفرزدق:

ستعلم من يكون أبوه قينا .... ومن كانت قصائده اجتلابا

والذي لا يُرى سرقا هو أن يجتلب الشاعر البيت أو البيتين والمعنى أو المعنيين من شعر شاعر آخر إذا كان الشاعر مخاطبا

له، وكان هو مجيبا عن مخاطبته.

14. الانتحال: أن يدعي الشاعر شعر غيره، والانتحال كان منذ العصر الجاهلي، قال الحاتمي: " وقد أجمع العلماء بالشعر

على أن امرأ القيس أول من بكى الديار، وأبّن الآثار، وإذا تصفحت شعره استدللت ببعضه على بطلان هذا الإجماع، ألا ترى

إلى قوله:

عوجا على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حمامِ

قال ابن الكلبي: فإذا سئل علماء كلب عما وصف به ابن حمام الديار أنشدوا من "قفا نبك" وذكروا أن امرأ القيس انتحلها

فسارت له وخمل ابن حمام"

15. الإنحال: وهو ما نحله العلماءُ الشعراءَ.

وكان خلف الأحمر وحماد الراوية من أشهر العلماء الذين نحلوا الشعر للشعراء. وقيل أن حمادا زعم أن قصيدة أعشى

همدان التي أولها:

إن الخليط أجدَّ منتقله .... ولذاك زُمّت غدوة إبلهْ

هي لطرفة قالها في بني سعد بن مالك.

وقيل أن الأصمعي، والمفضل الضبي وأبا عمرو بن العلاء كانوا يصنعون الشعر وينسبونه إلى شعراء آخرين.

16. المرافدة: وهي أن ينظم الشاعر بيتا أو أبياتا ويعطيها شاعرا آخر يناضل به قرنه.

ويورد المؤلف أمثلة على رفد الفرزدق أبياتا لعمر بن لجأ مثل هذين البيتين:

لقد كذبت وشر القول أكذبه .... ما خاطرت بك عن أحسابها مضرُ
ألست نزوة خوّار على أمة ... لبئست الخلــّـتان: اللؤم والخورُ

17. تنازع الشاعرين في الشعر، وادعاء كل منهما أنه من قبله دون صاحبه، فمن ذلك تنازع عنترة بن شداد والحارث بن

الطفيل للقصيدة التي أولها:

لمن الديار عفون بالسهب .... بُنيت على خطبٍ من الخطب