المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راشد الأحمر
من دروس اللغة.. الحلقة 10
[جماليات اللغة ]
لغتنا هي لغة الجمال والروعة والبيان في حروفها وأصواتها وتعبيراتها وتراكيبها مما يمكِّن المتحدث البارع بها من سبك عباراته بتناغم وانسجام بأروع بيان وأجمل إيقاع وأبلغ لفظ.......
ولغتنا العربية جُلُّها لغة قريش التي حافظت على شخصيتها اللغوية حينما اختارت من الكلام العربي أبينه واعتمدت أصفاه وأوثقه.... ولولا جمال العربية وسحرها الأخّاذ لما اختارها الله لغةً لكتابه العزيز.. فهي لغة ساحرة جاذبة تسحر القلوب والأسماع ببيانها العذب وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال : إنّ من البيان لسحرا.......
يقول شوقي ضيف
العربية قهرت بعذوبة لسانها وبيانها جميعَ اللغات التي التقت بها...) ويقول المستشرق رينان( العربية فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها... ) ويقول زيغرد هونكه( جيران العرب أنفسهم سقطوا صرعى أمام سحر تلك اللغة...)
ولما سمع الوليد بن المغيرة كلام الله سبحانه قال( والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمورق....)
ومن تتبع اللغات الأخرى لايجد لغة تضاهي العربية في جمال أصواتها وانسجام حروفها وغنى مفرداتها وتناغم ألفاظها....ففي العربية جماليات فائقة في الحذف والزيادة والتكرار والإيجاز والمجاز والتقدير والإضمار والمد والإدغام وجماليات الأصوات والإيقاع والجرس والنظم والسبك والخط......
فمن جماليات العربية :
أن أصواتها موزّعة في أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات يبدأ من الشفتين إلى أقصى الحلق...قال د.محمد المبارك : ( إن أول مايبدو من صفات الحروف العربية توزعها في أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات وذلك بين الشفتين وأقصى الحلق وهذا التوزيع يؤدي إلى التوازن والانسجام بين الأصوات......
ومن جماليات اللغة(الحذف) للخفة واللطافة كما في حذف الياء حيث أفاد انسجاما صوتيا في قوله تعالى (الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين )
ومن جماليات اللغة حذف نون الجمع والمثنى عند الإضافة كما في قول الحق : تبّت يدا أبي لهب وتب...
وحذف الضمير في الفواصل القرآنية كقوله تعالى ( ما ودّعك ربك وما قلا ) أي وما قلاك... ومن جماليات الحذف حذف الصفة أوحذف الموصوف للعلم به أو حذف المخصوص بالذم أو المدح لدلالة الكلام عليه كما في قوله تعالى( إنا وجدناه صابراً نعم العبد)
أي نعم العبد أيّوبُ....
ومن جماليات اللغة(الزيادة ) كزيادة الالف للتناسب في كلمتي ( الرسولا - السبيلا )
قال تعالى ( ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا.وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا)
ومن جماليات اللغة : ميزانها الصرفي إذ يعتمد الخفّة والرشاقة بانتقاء الأصوات المنسجمة والتخلّي عن الثقيل منها كما في الإعلال والإبدال...ففي وزن افتعل تُقلب التاءُ طاءً إذا سُبقت بالضاد أو الظاء أو الصاد وذلك لثقل التاء بعد هذه الحروف فتقول : اضطر واضطلم واصطحب واصطرخ ومنه قول الله ( وهم يصطرخون فيها )...
وفي وزن مفعول تحذف الواو من معتل العين فتقول في (مقوول ) مقول. وفي(مبيوع) مبيع لتكون الكلمة أخفَّ وأرق.....
ومن جماليات اللغة (التكرار)
كما في تكرار قوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان..
حيث أضفى التكرار على السورة جمالا و رونقا وإيقاعا وجرسا عذبا جميلا....
ومن جماليات اللغة جمال النظم والإيقاع كما في قول الله في سورة المرسلات( فإذا النجوم طُمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسفت وإذا الرسل أُقتت لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين )..
ومن الإيقاع العذب قول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري :
فجّر اللهم في عزميَ من نورك نورا
واصطنعني لغد الإنسان في الآفاق صورا
فأنا للحق كالبرهان لايترك زورا
وعلى الباطل كالبركان ويلاً وثبورا
ومن جماليات اللغة :
الإدغام والتشديد...فقد يشدد الحرف لتقوية المعنى كما في قول الله تعالى ( اثّاقلتم إلى الأرض)
وفي إدغام الدال بعداً عن تكرار الحرف كما في قولك :
شدّ و عدّ وما إليها.........
المفضلات