الدرس الخامس : ( تساؤلات قدمها أستاذنا الكريم م / خشان خشان حول الدرس الرابع )
مرحبا بكم أساتذتي الكرام
قدم أستاذي الكريم م / خشان خشان بعض التساؤلات ورأيت أن الإجابة عنها والتفاعل معها أهم كثيرا من التقدم في دراسة (الفصل الموسيقي) وسأركز على أهم ما جاء فيها , وننتظر معه _ لحين مجيء وقته _ ما يتعلق بالتفاعيل الجديدة ( مستفعلاتن و فاعلاتن لن ) وما يتعلق (بالوتد المفروق) ,
وأيضا ما يتعلق بانطباعه في قوله ( ولا أخفيك انطباعي يا أستاذي بأن كل ما تتفضل به يبدو لي دراسة لخصائص عروض الخليل , من عدة نواح , ولا يبدو لي تأسيسا لجديد , وقد أكون مخطئا .)
*********************
السؤال الأول : هل بنيت فقه العروض بقواعده الثلاث الأساسية (وخاصة الانعكاس الموسيقي) على أي شيء غير الحركة والسكون ؟؟
الإجابة بكل وضوح وقولا واحدا : فقه العروض بناء قائم فقط (وفقط) على الحركة والسكون .
السؤال الثاني : إذا لماذا تتطرق إلى علم (اللسانيات) ؟؟
فقط (وفقط) أحتاج لتعريف (الحركة والمتحرك) و(السكون والساكن) كمصطلحات نستخدمها في علم العروض , ولا نحتاج لأي شيء آخر من علم اللسانيات .
وهذا التعريف سيفيدنا في علم العروض , وقد انتبه لذلك مؤسسي علم العروض ومنهم الأخفش ؛
وما يعنيني من قول الأخفش ومن قول علماء اللسانيات هو : أن الحركة هي صوت من الأصوات , سماها اللسانيون ( صوائت قصيرة ) ( الفتحة والضمة والكسرة ) ؛
وأن الحروف أيضا أصوات , فإذا طال صوت الحركة تولد منها حرف اللين وسموها ( الصوائت الطويلة ) ( ألف المد وواوه وياؤه )
وباقي الحروف أيضا أصوات سموها (صوامت) ,
ولا يعنينا في تأسيس (فقه العروض) أكثر من تعريف معنى (المتحرك والساكن) و(الحركة والسكون) كأساس بنينا عليه ؛
ونعتبر حروف اللين سواكن كما اعتبرها الخليل والعروضيون من بعده , ولسنا نلتفت (لطول أو قصر الأصوات) ولا نبني عليه .
الحرف ( المتحرك ) = ( صوت الحرف الصامت + صوت الحركة )
الحرف ( الساكن ) = ( صوت الحرف الصامت ) فقط
وأيضا = (صوت حرف المد ) فقط
ومن ثم نقول أن المتحرك إذا حذف منه صوت الحركة يصير ساكنا , وأن الساكن إذا أضيف له صوت الحركة يصبح متحركا .
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصف السكون بأنه صوت , لأن هذا يتنافى مع البديهيات العقلية , ( لأن السكون بكل بساطة هو انعدام الصوت ) .
وفي تعريفنا للفصل الموسيقي قلنا : نعني به ( التزام نغم ثقيل نسبيا في نهاية الأوزان ) وهذا يساوي قولنا ( تكثيف الحركات في نهاية الوزن بالنسبة للسواكن ) .
وكنت حريصا في التعريف على أمرين :
الجزء الأول من التعريف ( التزام نغم ثقيل نسبيا في نهاية الأوزان ) يعطي معنى يتناسب مع دراسة العروض كإيقاع موسيقي , وهو يناسب من الدارسين للعروض من يعطي اعتبارا للسماع والذائقة الموسيقية ؛ ولا يعني هذا مطالبتي له بإغفال الحسابات العقلية حين تخذله ذائقته .
والجزء الثاني من التعريف ( تكثيف الحركات في نهاية الوزن بالنسبة للسواكن ) .
وهذا يناسب من لا يعترف بالمعنى الأول ولا يحب تعبير ( الثقل والخفة ) ويريد معنى حسي ملموس يمكن قياسه وتقييمه بالأرقام ؛
(وأما قولنا (نسبيا) بعد قولنا (ثقيل) فسيتضح معنى (النسبية) أثناء دراستنا للفواصل الموسيقية)
والمقياس الحسي الملموس بالأرقام أشرنا إليه في قولنا :
ويمكن عمل (مقياس كمي للثقل) (كثافة الحركات) وذلك بقسمة عدد الحركات الثابتة على عدد الحروف في الكلمة أو الجملة الإيقاعية والناتج هو المقياس الكمي للثقل بينها ,)
الثقل النسبي = عدد الحركات (الثابتة) في التفعيلة أو جزءها / مقسوما على عدد حروفها .
ويمكننا ضرب الناتج × 100 ليعطينا رقم صحيح أقرب لفهم غير الرياضيين .
على سبيل المثال :
الثقل النسبي لـ مستفعلاتن = 5 حركات أصلية ÷ 9 عدد حروف التفعيلة = 0.55 × 100 = 55
الثقل النسبي لـ مستفعلن = 4 ÷ 7 = 0.57 × 100 = 57
الثقل النسبي لـ فاعلن = 3 ÷ 5 = 0.60 × 100 = 60
الثقل النسبي لـ علن = 2 ÷ 3 = 0.66 × 100 = 66
الثقل النسبي لـ فعلن = 3 ÷ 4 = 0.75 × 100 = 75
الثقل النسبي لـ السببين المقترنين = 2 ÷ 4 = 0.5 × 100 = 50
ويمكن حساب أي جزء من الوزن بهذه الطريقة (مع اعتبار الحركة المترددة للسبب الثقيل مساوية لساكن السبب الخفيف عند مقارنتها بغير السببين الخفيفين المقرونين .)
**
لم أتوقع أن أكون مضطرا لعمل معادلة رياضية لحساب الثقل النسبي للنغمات الصادرة من الأسباب والأوتاد والتفاعيل في تقديمي لـ (فقه العروض) وخاصة في منتداكم , وفضلت الإشارة الضمنية لإمكان عملها , ووضعت الإشارة في (الهامش) لأني أؤمن أن الهامش هو موضعها الصحيح .
وصدقوني لن أعرف كيف أقنعكم بالمعادلات الرياضية أن حركة السبب الثقيل ( الحركة المترددة ) أخف من الحركة الثابتة , ولا أستطيع الاستعانة بالموسيقيين بعد الاعتراض على اللسانيين .
أما عن السؤال حول الانعكاس الموسيقي في الرمل التام , فقد جاوب عنه أستاذي الكريم م / خشان خشان عندما قال :
( نعم فما تفضل به أستاذنا لا يعتبر التماثل حول مقطع بعينه انعكاسا )
فالنعكاس يكون حول محور الانعكاس (وهو الخط الفاصل بين سببين أو بين وتدين) وكلمة خط فاصل تعني أنه ليس أي جزء من أجزاء الوزن لا سبب ولا وتد ولا تفعيلة .
وأذكر فقط بقولي : (وتعمل القواعد بشكل فردي , كما تعمل بشكل جماعي في تناغم وتكامل (.
لأن من الأوزان ما سيجتمع فيه اثنان منها , ومن الأوزان ما سيجتمع ثلاثتهم , وعند تحليلنا للأوزان سنعرف ذلك , فقط ما قدمناه هو أمثلة يتضح فيها مفهوم التكرار ومفهوم الانعكاس في أبسط أشكاله .
*********
ولنعرف قيمة ودور الفصل الموسيقي في الشعر العربي _ لعل ذلك يكون دافعا لكم أساتذتي الكرام على مواصلة البحث _ قدمنا في نهاية الفصل السادس من هذا الباب إحصاء تفصيلي (مبنى على إحصاء الدكتور محمد العلمي)
وأيضا لنعرف قيمة التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي , قدمنا أيضا في هذا الإحصاء عدد مرات النظم على تلك الأوزان ؛
وكان من نتائج الإحصاء ما يلي :
قراءة وتحليل بعض بيانات الإحصاء
إجمالي عدد مرات النظم على أوزان المجموعة الأولى (أوزان بدون فاصلة) بأقسامها الأربعة = 42 + 25 + 21 + 5 = 93 مرة
ونسبتها المئوية = 93 ÷ 9654 = 0.96 %
نلاحظ أن مجموع ما نظم على كل الأوزان الخالية من الفاصلة الموسيقية لم يكمل نسبة (الواحد بالمائة) ؛
فالأوزان التي تحتوي التكرار الثنائي فقط (دون فاصلة) تم النظم عليها 42 مرة بنسبة 0.44 % أي أقل من نصف بالمائة ؛
وعندما أضيف للتكرار الثنائي الانعكاس الموسيقي سواء في كل من شطري الوزن أو في مجمل الوزن في الشطرين معا لم يشفع ذلك كثيرا بدون الفاصلة الموسيقية (25 مرة على الرمل + 21 مرة على الهزج) مجموعها 46 مرة ونسبتها 0.47 % أي أقل من نصف بالمائة ؛
وأما الأوزان الغير مثالية ( وهي الأوزان التي لا تحتوي على التكرار الثنائي ولا تحتوي على الانعكاس الموسيقي ) الخالية من الفاصلة الموسيقية فعدد مرات النظم عليها 5 مرات ونسبتها 0.05 % فقط نصف في الألف .
ورغم أن النسبة المئوية لمجموع ما نظم على أوزان المجموعة الأولي (أوزان بدون فاصلة موسيقية) ضئيلة جدا , فإنه بالرجوع للقصائد المنظومة على تلك الأوزان وجدنا ما يجب توثيقه لاكتمال إدراكنا لأهمية الفاصلة الموسيقية , كما سيساعدنا على تأكيد نسق الانعكاس الموسيقي لبعض الأوزان , وأمور أخرى نذكرها في حينها ليكتمل بها فقه العروض .
دمتم أساتذتي الكرام في خير وسعادة
المفضلات