أحوالُ اسمِ لا النافية للجنس وخَبرِها

قد يُحذَفُ اسمُ "لا" النافية للجنس، نحو: "لا عليكَ"، أي: لا بأسَ، أو لا جناحَ عليك. وذلك نادرٌ. والخبرُ إِن جُهِلَ وجبَ ذكرُهُ، كحديث: "لا أحدَ أغيرُ من الله". وإذا عُلمَ فحذفُه كثيرٌ، نحو: "لا بأسَ"، أي لا بأس عليك، ومنه قوله تعالى: (قالوا لا ضَيرَ، إنّا إلى ربنا مُنقلبون}، أي: لا ضَيرَ علينا، وقوله: (ولو تَرى إِذْ فَزِعوا، فلا فَوْتَ}، أي: فلا فَوتَ لهمْ.
وبَنو تَميمٍ والطائِيونَ من العربِ يَلتزمون حذفَهُ إذا عُلم. والحجازيُّون يُجيزون إثباتَهُ. وحذفُه عندهم أكثرُ. ومن حذفه قوله تعالى: {لا إلهَ إلاّ اللهُ} أي: لا إلهَ موجود.
ويكونُ خبرُ "لا" مُفرداً (أي: ليس جملةً ولا شِبهَها)، كحديث: "لا فقرَ أشدُّ من الجهلِ، ولا مال أعزُّ من العقل، ولا وَحشةَ أشدُّ من العُجبِ" وجملةً فعليةً، نحو: "لا رجلَ سوءٍ يُعاشرُ"، وجملةً اسميةً نحو: "لا وَضيعَ نَفسٍ خُلقهُ محمودٌ"، وشبهَ جملة (بأن يكون محذوفاً مدلولاً عليه بظرفٍ أو مجرورٍ بحرف جرٍّ يَتعلقانِ به، فيُغنيانِ عنه) كحديث: "لا عقلَ كالتدبير، ولا ورَعَ كالكَفّ، ولا حَسَبَ كحُسنِ الخلُق" وحديث: "لا إيمانَ لِمنْ لا أمانةَ لهُ، ولا دينَ لِمن لا عَهدَ له".
واعلم أنَّ النحاة اعتبروا أنَّ "لا" النافيةَ للجنس واسمَها في محلّ رفع بالابتداءِ، فأجازوا رفعَ التابعِ لاسمِها، نحو: "لا رجلَ في الدار وامرأةٌ" و "لا رجلَ سفيهٌ عندنا".
(فالمعطوف والنعت رفعا على أنهما تابعان لمحل "لا واسمها"، لأن محلهما الرفع بالابتداء. وقد اضطرهم الى هذا التكلف أنه سمع من العرب رفع التابع بعد اسمها فتأولوا رفعه على ما ذكرنا).
(جامع الدروس العربية)