أخي وأستاذي سليمان أبوستة

شكرا على تكرمك بالتعقيب. وهو مهم بذاته ويفضي إلى بحث أكثر أهمية بخصوص نهجه.

ذكّرتني بأخ كريم اسمه مجدي معروف، تعبيري – وربما فيه بعض المبالغة - عن حاله :" أنه كان يتكلم دون مراعاة لما تعلمناه جميعا من سائد النحو وكان عنده من العلم بآراء النحويين وشوارد النحو ولهجات القبائل ما يجد في كل مرة مبررا لما يقول، وأزيد مبالغة فأقول ( حتى لو رفع المفعول) "

أنا من مدرسة أستاذي محمد ب. وهي مدرسة وإن كانت واضحة في آرائه في العروض لجهة التقيد بما ساد في الشعر العربي في العهدين الأموي والعباسي والبعد عن الزحافات والعلل الثقيلة التي تحاشاها شعراء هذين العصرين، ورأيه في هذا منسجم مع كثير مما ذهب إليه الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر. ومن يستعرض ضرائر الشعر لابن عصفور يرى نفسه في غابة منها يحتاج إلى نور فيها ليتبين ما لا تجوز فيه ضرورة.

ولهذه المدرسة في العروض تأثيرها على نظرتي للنحو، فإن هناك من الاختلافات في هذا الباب ما لو أخذنا بها جميعا لانفلت رابط اللغة. وأرى – وقد أكون مخطئا – أن نلتزم بما هو مجمع عليه من الآراء التي استقرت عليه الأمة. صحيح أنه لم يحصل إجماع على كل التفاصيل، ولكن تم الإجماع على تحديد مساحة لما اختلف فيه أجازوا فيها أن ذلك من باب جواز الوجهين وربما أكثر من وجهين.

أنزل القرآن الكريم بسبعة أحرف ثم سادت لهجة قريش. أليس لنا في ذلك قدوة في النحو والعروض ؟ .

كل الأمم تسعى إلىالتوحيد والمعْيرة standerization في لغاتها كما في مقاييسها . وليس في ذلك طمس للفوارق بين الأفراد والفئات ولكن فيه تيسيرا لمفردات الحوار التي تيسر الحوار ذاته.

وبعد المرحلة الأولى من تدوين شواهد العربية جرى قدر كبير من هذا الأمر وبقيت تشوبه عوالق اختلاف البيئات والقبائل، لعل علينا أن نكمل المشوار لا أن ننكص.

والأمر كما تعلم يتعدى اللغة إلى سواها مما لا يتسع له مجال المنتدى.



ولله درك فكل ما تكتب يفيدني اتفقت وجهتا نظرنا أم اختلفتا.

وإلى جانب فائدة تشغيل الدماغ فقد نجني هنا استدراج الأخوين الكريمين مجدي ومحمد لهذه المشاركة فنستضيء بنوريهما.