أنا وهي ,, وثالثنا


وأنا على عتبة القاعة , سقطت أعيني عليها وبحوزتها كتاب تقرأ وتقلّب صفحاته بعمق , لم أشأ اقتحام عالمها ومقاطعة أنستها , فالقراءة ضرورة قصوى في عالم المبدعين , والكتاب أهم من الطعام والشراب , فقررت الجلوس على العتبة ومراقبتها عن بُعد , أستشف نظراتها وأترجم كل تحركاتها , حتى لحِظتْ وجودي فأومأت برأسها وهمست بابتسامة متفاجئة : أهلا كيف الحال ؟! , وكأن أعينها استطاعت أن تجِسّ نبضات قلبي وتسمعها تقول : بخير طالما أراكِ بخير , واستمرت تُبحر في كتابها وتنظر لي ولا أزال أراقبها , وحين ألحظ مرورها السريع بين الصفحات , أفهم ما ينساب بعقلها من تساؤلات , فأخاطبها بنظرة : لم تفهمي الفقرة الثالثة؟! , فتفهمني وترد عيناها : ولا الرابعة , ولمّا غصّها البُعد ونال منها , أقبلتْ إلي وشاركتني العتبة , وقالت : لماذا لم تُخبرني أنك هنا ؟! , قلت : رأيتك مشغولة بالقراءة ولم أشأ مقاطعتك , قالت : (حتى ولو ) على الأقل سلّم , ثم قالت : لنقرأ سويا , وانفصلنا عن كوكبة الوجود مشكلّين عالما يليق بمبْدِعين , فقط أنا وهي , والكتاب ثالثُنا .
18\1\2015