الزحاف في أول بحر الخفيف، يحكمه قانون المعاقبة وقاعدة الاستئثار
________________________________________
ملاحظة قبل البدء :
(في الموضوع الذي أعرضه عليكم نحن بصدد تناول الحكم العروضي الصرف للزحاف ، فليس كل زحاف جائز هو مستساغ،و العكس صحيح أيضا )
______
يكاد يجمع الشعراء على عدم جواز كف فاعلاتن في أول الخفيف ،
و يعتبره البعض ثقلا يكاد يكون في مرتبة الكسر.
فما قول أهل العروض في هذه المسألة؟
من أحد ردود الأستاذ سليمان أبو ستة أقتبس ما يلي :
وفي الخفيف:
يا عمير | ما تظهر | من هواك ........ أو تجن يستكثر حين يبدو
س و س س (و) س س و س
وجعل له الشكل التفعيلي المعبر عن زحاف الكف في جميع تفاعيله:
فاعلات مستفع ل فاعلات
( س = سبب خفيف، و = وتد مجموع، (و) = وتد مفروق)
وكتب في مكان آخر :
- ما تعَشّقَتْهُ قلوب العذارى
2 3 1 2 2 3 2 3 2
فاعلات مستفعلن فاعلاتن
(في التفعيلة الأولى زحاف الكف ، وهو زحاف قبيح جدا كالكسر)
و للأستاذ خشان في حوار عروضي الرد التالي :
"في متناوبة 6 فإن 2 2 2 خببية الوقع بلا شك، ولا يطيقها البحران القصيران ( المضارع والمقتضب) فيجب فيهما الزحاف.
ويحسن التخلص منها في البحرين الطويلين ( المنسرح والخفيف ). "
_____
- إن كف فاعلاتن الأولى في الخفيف يعد زحافا قبيحا جدا في رأي الأستاذ سليمان أبو ستة،
و المتناوبة 6 ( 2 2 2 ) يستحسن التخلص من جرعتها الخببية في رأي الأستاذ خشان خشان.
يبدو بين الرأي الأول و الثاني ما يشبه التناقض،و يطرح القارئ السؤال التالي :
متى يكون الكف يشبه الكسر ؟ ومتى يكون الكف لا غبار عليه ؟
أبدأ بالإشارة إلى أن هناك شواهد على الكف لكنها نادرة أو قليلة جدا ، منها البيت القائل:
صَرَمَتْكَ أسماءُ بعد وِصَالها = فأصبَحْتَ مُكتئباً حزينا
و قول الشاعر :
يا عمير ما تظهر من هواك ........ أو تجن يستكثر حين يبدو
و هنا تجدر الإشارة إلى أن منطقة الرقم 6 في حشو الخفيف هي سبب الإشكال الحاصل بخصوص كف التفعيلة الأولى و تتكون من ثلاثة أسباب خفيفة متتالية ، ومن أجل تخفيف جرعة الخبب في هذه المنطقة ،يفكك العروض الرقمي المتناوبة 6 من حيث الحكم كما يلي :
2 2 2 = تنْ مسْتفْ ،
- 2 الأولى (تن ) زحافها قبيح جدا وثقيل
- 2 الثانية (مس ) زحافها مستحب
- 2 الثالثة (تفْ ) زحافها ممنوع
و فيما يتعلق ب 2 2 أي (تن مسْـ) فيحكمها قانون المعاقبة، أي أننا إن زاحفنا الأولى لا نزاحف الثانية و العكس ، لأن زحافهما معا ينتج لنا المقطع 1 3 3 2 الذي يستأثر به حشو الكامل والوافر.
نأتي للخلاصة الآن لأقول :
إن ورود فاعلات في أول الخفيف لا يعتبر كسرا عروضيا و إنما هو وقوع في الثقل إن لم يراعى قانون المعاقبة و الذي بدوره يضمن لنا احترام الاستئثار الذي يخص حشو الكامل و الوافر ، بمعنى أن كف فاعلاتن ليس كسرا في حد ذاته لكنه يكسر البيت إن تبعه زحاف مباشرة بعده.( فاعـلا تُ متَــفــعلن..)
المفضلات