http://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?2386#.U8zlk_mSyCM

علاقة الإنسان بالمجتمع

أكد علماء النفس والمجتمع الذين راقبوا عبر العقود الأخيرة هذه الظاهرة الحياتية, أن تجاذب الإيقاعات التي تسيّر الأحياء وكل ما يقع ضمن مجالاتها, لا تدرك بالوعي, لكن بالإمكان تحديد وجودها والإحساس بها من خلال الصوت والحركة, وبالتالي تبادل الأحاديث والعلاقات الإجتماعية. بمعنى آخر يمكن الجزم بأن الإيقاع المتزامن مع أصوات ومقاطع اللغة, إضافة الى حركات الجسم وتعابير الوجه المرافقة لها, جزء لا يتجزأ من علاقة الإنسان بالمجتمع. وهي علاقة أسهمت ولا تزال ببناء المجتمعات والحضارات والثقافات المتباينة. من هنا الاختلاف القائم في العلاقات البشرية من مجتمع الى آخر, وذلك وفق ما تفرضه إيقاعات اللغة والتعابير الشعبية في نفوس المعتادين على أصدائها.

كيف نلمس حركة الإيقاع؟

لتسهيل فهم هذه الناحية الحياتية الغامضة واللافتة, درس الباحثون نماذج مختلفة من العلاقات بين أشخاص من الإنتماء العرقي والبيئي واللغوي نفسه, وبين آخرين من بيئات وانتماءات متباينة, ونتيجة لذلك, لاحظوا أن العلاقات لا تنجح وتستمر إلاّ إذا نشأت بين سكان المجتمع الأصليين, أو الغرباء المنصهرين في عادات هذا المجتمع وتقاليده والتقنيات اللفظية للغته الأم. والسبب أن الأصوات المنظّمة التي تفرضها المقاطع اللغوية على الأذن تنظم مشاعر المتحدثين وتوقّعاتهم المسبقة لأصداء إيقاعاتها, وتجعلهم ينساقون بعفوية في التيار الذي يؤمن تناوب هذه الإيقاعات والتوقعات المتزامنة معها, والأمر نفسه ينطبق على حركات الجسم وتعابير الوجه الإيحائية, إضافة الى التعابير الشعبية التي تفرضها أحاديث سكان المجتمع الواحد, وتترك وقعها في نمط حياتهم. من هنا العفوية المحببة التي تسود علاقات هؤلاء, والتصنع الذي يبدد أجواء الإلفة بين الأغراب, حتى ولو كانوا يتحدثون بلغة واحدة. ويعود ذلك, حسب رأي الباحثين, الى ضعف التواصل الناتج عن عدم اعتياد الناطقين بلغة أجنبية, على توقيت وقع أصوات الكلمات في آذانهم. وهذا ما يشبهه الباحثون بوضع عازف للموسيقى الكلاسيكية في فرقة لموسيقى الروك.