أخي كبير القدر جرير الصغير،
سأشمل بإجابتي احتمالات عدة لفهم سؤالك.
1- العروض واصف ومحلل لوزن الشعر كما عرفه العرب وليس منشئا أو مصمما له.
2- لا أرى بالإمكان الإتيان ببحور جديدة
3- كل كلام له وزن، وكل وزن قابل لأن يوضع في هيئة شطرين، وهذا لا يجعله شعرا.
4- تم في النحو استبعاد بعض الشواهد الشاذة، وتم تقعيده على العام المأثور من كلام العرب، ولم يتح للعروض مثل هذا، إذ أن بعض الشواهد على بعض الزحافات الثقيلة تكاد لاتجد لها نظيرا في الشعر أو تجد لها الشوارد من الأبيات.
5- العروض الرقمي محاولة للتواصل مع شمولية فكر الخليل، استنتاجا من جزئيات تفاعيله وبحوره. إن رأيت شخصا يعطيك إجابات تفصيلية صحيحة في جزئيات أمرما فاعلم أنه يصدر عن قاعدة كلية في هذا الأمر.
من لا يعرف قاعدة فيثاغورس يجتهد في التقريب في استنتاج الوتر منمعرفةالضلعين فيقترب من الصواب بحسب خبرته. ولكن من يعرف أن س2+ص2=ع2 يعرف الجواب بدقة.
ويقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة لرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
الرقمي محاولة في لتحليل هذه العملية الذهنية. الشمولية تجريد كلي لا يطيقه أغلب الناس، والتجسيد تجزيء يسهّل للناس استيعاب الجزئي، ولكن على حساب إعمال التفكير في الإحاطة بتجريد الكلي.
استكشاف شمول العملية الذهنية لدى الخليل أمر ممتع، وقد يشق على بعض الناس فيريح نفسه بصد الباب دونه. وهذه العملية الذهنية لدى الخليل نتاج لمنهج الإسلام في الدعوة لكلية النظرة للكون والخلق والمآل والصدور في الجزئيات عنها، ولئن كانت تدعو إلى التأمل وربط الحاضر بالماضي فإن ما يدعو إلى التأمل بصورة أكبر هو كيف أن هذه الذائقة العربية قد برمجت من لدن حكيم خبير وفق قواعد رياضية صارمة.
ولئن صح هذا في مجال أدبي صرف يظن بعده عن الأرقام والرياضيات فلا ينبغي استبعاد صحته في سواها. فرع من الرياضيات الحديثة اسمه Fractals يؤدي إلى أنه لا فوضى في الكون، ما نعتبره فوضى اليوم قد نكتشف أنه نظام غدا، وباختصار الحد بين النظام والفوضى يختلف حسب علم المتأمل فيهما، فكلما ارتفع العلم زاد النظام وتقلصت الفوضى، فإذا قيس الأمر بالعليم الخبير فلا فوضى بل " كل شيء عنده بمقدار "
واتساع مساحة النظام لدىالإنسان في رؤيته للكون على حساب الفوضى تزداد كلما زاد علمه " ولايحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " ومهما زادعلم الإنسان واتسعت مساحة علمه فستزداد المساحات التي يكتشف أنه جاهل بها إذ لم يكن يدرك وجودها قبل زيادة علمه " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "
العروض رقمي منذ كان، ما معنى وصف التفاعيل بالخماسية والسباعية ؟ إنه أثر من كلية التفكير في جزئية التعبير.
المتحرك والساكن هما ذات الوزن فلا يتغير
الأسباب والأوتاد هما للوزن كالإسم قلا يتعدد
التفاعيل هي للوزن كالكنى للإنسان تتكرر
سبب وتد سبب سبب وتد سبب سبب وتد ......هذا للرمل كالإسم لا يتعدد
سبب وتد سبب - سبب وتد سبب - سبب وتد = فاعلاتن فاعلاتن فاعلا .....إحدى كنى الرمل
سبب وتد - سبب سبب وتد - سبب سبب وتد = فاعلن مستفعلن مستفعلن .....كنية أخرى للرمل
الحدود بين التفاعيل أمر اصطلاحي ترتيب على النظر إليه كأمر حقيقي تضخم المصطلحات وتعدد التعبير عن ذات الحكم بأسماء شتى أدت إلى قول الدكتور أحمد عبد المجيد محمد خليفة في مقدمة كتابه (في الموسيقى الشعرية ) " : ...حتى أننا لا نعرف علما من العلوم العربية والإنسانية، قد اكتظ بغريب المصطلحات وجفافها، كما اكتظ بها عروض الشعر العربي وقافيته، .... كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعراض عن تعلم العروض والتنفير منه وإظهاره في صورة بغيضة وثقيلة، لا تتمشى معه طبيعة الشعر وما فيه من جماليات."
على أن الرقمي بما أنه استنتاج من تفاعيل الخليل يحمل في طياته أثر المستنتج الذي قد يخطئ وقد يصيب، ومظنة الخطأ والصواب هو ما يقود إليه الرقمي من أوزان لم تصح بمنطق الرقمي، ولم يذكرها الخليل، وحفظا علىالشعر من العبث ومن مظنة خطأ المستنتج لا نعتبر ما يقود إليه الرقمي – ومن باب أولى ما يأتي به سواه - من أوزان جديدة شعرا بل ندعوه موزونا بغض النظر عن مدى استساغتنا له، إلاأن نكتشف عليه شاهدا من الشعر الجاهلي. وهذه المساحة من الزيادة في استنتاج الرقمي لأوزان لم يقل بها الخليل – والأمر في نطاق جد ضيق- مدعاة لدرس الرقمي لاستكشاف ما عسى أن أكون قد وقعت فيه من خطإ الاستنتاج وتعديل مقولات الرقمي تبعا لذلك.
وعلى هذا الطريق أرجوك أن تقرأ التخاب وهو أحد أهم مواضيع الشمولية في الرقمي .
http://www.jalt.net/jalt/jaltusr/Cur...shanJalt43.pdf
كلما آنست عقلا نيرا راودني حلمه اجتذابه للرقمي.
يرعاك الله.
المفضلات