الأعشى صناجة العرب
اسـمه ميمون بن قيس بن جندل الوائلي شاعر جاهلي كنيته أبو بصير ولقبه الأعشى لضعف بصره من شعراء الـمعلقات ولقبه الآخر صناجة العرب لأنه يُتغنى في شعره ولأنه أول من ذكر الصنج في شعره حيث قال :
ومستجيبٍ لصوت الصنج تسمعُهُ
###### إذا ترجِّع فيه القينة الفضل
الصَّـنـج : هو ما يوجد في الدفـوف ويحدث صوتًا ( لسان العرب مادة صنج )
قيل عن الأعشى ( أشعر الشعراء الجاهليـين امرؤ القيس إذا ركب ، وزهير إذا رغب ، والنابغة إذا رهب ، والأعشى إذا طرب )
كان يلقب والده بقتيل الجوع لأنه دخل غارًا يستظلّ فيه من الحر فوقـعت صخرة من الجبل فسدت الغار فمات فيه جوعًا ، أراد أن يسلم فذهب لمقابلة الرسول –صلى الله عليه وسلم – لإعلان إسلامه فـعلمت قبيلته بذلك فأغرته بـمـئة من الإبل وقالت له إن الرسول يحرِّم الخمر فطمع بالإبل فأخذها وأثناء عودته سقط من إحدى الإبل فدقت عنقه فمات فلا هو أسلم ولا هو ظفر بالإبل
أكثر الأعشى من السفر والتنقل في أنحاء الجزيرة العربية يمدح سادتها وأشرافها ، حتى وصل إلى العراق وبلاد الشام واليمن ، وكان يفد على سوق عكاظ عارضا قصيده ، وقد حكم النابغة بتقدمه على غيره من شعراء السوق ، وهو يعد أول شاعر جاهلي تكسب بالمديح ، وقد ذكر في شعره ما أفيض عليه من الإبل والجياد و الإماء والذهب والثياب الفاخرة مقابل مدائحه .

وعرف عنه انتمائه لقبيلته ونقمته على أعدائها من الفرس أو القبائل العربية ، وكان مغرقا في وثنيته ، لا يتستر في شعره ولا يتعفف ، وقد ذكر في قصائده الغواني كما يعد شاعر الخمر في الجاهلية ، وهو يمتاز بكثرة قصائده الطويلة ، وتصرفه في مختلف فنون الشعر من مديح و هجاء و خمر ووصف وفخر وغزل ، رغم أنه لم يكتب في الرثاء ، ويبدو أن حبه لحياة اللهو والمجون صده عن هذا اللون الشعري.
يعد شعر الأعشى تمهيدا للشعر الحضري الذي ظهر بعده ، وهو أحيانا يشبه العباسيين بقصائده التي لا تخلو عنده من طرافة وابتكار ، ويلاحظ في شعره سهولة اللفظ بالقياس إلى معاصريه وسابقيه ، وذلك بسبب تأثره بالحواضر على أطراف جزيرة العرب ، وأسلوب حياته وميوله المادية ، ومما أدى إلى رقة ألفاظه ومعانيه وأوزانه الشعرية.

وقد فضله كثير من النقاد والأدباء على سواه من الشعراء فمن ذلك قول الأخطل : " الأعشى أشعر الناس " . وقال مروان بن أبي حفص : " أشعر الناس الأعشى في الجاهلية"


له عدد من القصائد لعل من أشهرها معلقته التي مطلعها
ودِّع هريرةَ إنّ الركبَ مرتحل
###### وهل تُطيق وداعاً أيها الرجل

وقيل إن معلقته هي التي مطلعها
ما بكاء الكبير بالأطلال
وسؤالي وما ترد سؤالي



وله قصيدة في مدح الـمُحلَّـق مطلعها
أرِقت وما هذا السُّهاد المؤرَّق
###### وما بي من سقم وما بي معشق

وهذه مناسبة قصيدته في مدح المحلق
لقد أصبح لشعره شأن اجتماعي وسياسي كبير ، فهو لم يمدح أحدا إلا رفعه ، ولم يهج آخر إلا وضع من منزلته ، ومما يوضح أثر شعره قصته مع رجل جاهلي فقير اسمه ( المحلق )، كانت له ثماني بنات لم يتزوجن ، فلما مرّ به الأعشى سعى المحلق إلى إكرامه ، وذبح له ناقته ، فمدحه الأعشى ، فلم يمض عام إلا وقد تزوجت بناته كلهن.

قال عبد الملك بن مروان لمؤدب أولاده : ( أدِّبـهم برواية شعر الأعشى ؛ فإن لكلامه عذوبة ، قاتله الله ! ما كان أعذب بحره !وأصعب صخره! فمن زعم أن أحداً من الشعراء أشعر من الأعشى فليس يعرف الشعر ؟ )
وُلِد وتوفي في منفوحة حي من أحياء مدينة الرياض وكانت وفاته السنة السابعة للهجرة تقريبًا وسميت منفوحة لأن قبيلة قيس بن ثعلبة قدمت اليمامة بعدما نزلها عبيد بن ثعلبة وأنزل حوله بطون حنيفة فقالوا : إنك أنزلتنا في ربعك فقال: ما من فضل غير أني سأنفحكم فأنزلهم هذه القرية فسميت منفوحة ، وهو من قولهم نفحه الشيء إذا أعطاه ، وجميع المراجع الأدبية تتفق على أن الأعشى صناجة العرب بينما لم تذكر أن البحتري صناجةُ العرب ولكن قيل عن البحتري ( أراد أن يشعر فغنى ) ( المتنبي وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري )
جُمع بعض شعره في ديوان سمي (الصبح المنير في شعر أبي بصير) وترجم المستشرق الألماني جاير Geyer بعض شعره إلى الألمانية. و لفؤاد أفرام البستاني (الأعشى )


.