
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان
نَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ: وَاقِعُ الْعُلُومِ الْإِنْسَانِيَّةِ
للدكتور محمد جمال صقر
تسعى العلوم الطبيعية التي تَتَشَبَّهُ بها العلوم الإنسانية، إلى السيطرة على الظواهر الطبيعية، بإنجاز الأعمال الثلاثة الآتية:
1 وَصْف حُدوث الظواهر وَصْفًا كَافِيًا شَافِيًا.
2 تَفْسِير حُدوث الظواهر تَفْسِيرًا صَحِيحًا نَاجِحًا.
3 تَوَقُّع حُدوث الظواهر المَوْصُوفَةِ المُفَسَّرَةِ.
وقد وُفِّقَت العلوم الإنسانية في سبيل تشبهها بالعلوم الطبيعية، إلى إنجاز العمل الأول فقط، كما رأت يمنى طريف الخولي في "فلسفة العلم في القرن العشرين"؛ إذ قد عاقتها عن سائر الأعمال طائفتان من العوائق:
1 عَوائِقُ طَبيعةِ الظواهر الإنسانية.
2 عَوائِقُ طَبيعةِ عَلاقةِ الباحث عنها بها.
فمن الطائفة الأولى أن الظواهر الإنسانية مُعَقَّدة، مُتَعَدِّدة الجوانب الظاهرة والباطنة غير المتطابقة، مُتَحَرِّرة، سَرِيعَة التَّغَيُّر. ومن الطائفة الآخرة اتِّحاد الباحثِ هو والظواهرِ الإنسانية التي يَبْحثُ عنها، حتى لَيَكادُ يستحيل أن يخلو بحثه عنها من رأيه فيها وميله إليها.
وعلى رغم ذلك اجتهدت العلوم الإنسانية في إنجاز الأعمال الباقية ولا سيما العمل الثاني (تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ناجحا)، حتى ظهرت فيها النظريات المختلفة التي تدل بظهورها على مبلغ هذا الاجتهاد، وباختلافها على مبلغ ذلك التَّعْوِيق!
إن ظهور النظرية هو علامة اكتمال التفسير الصحيح الناجح؛ فما هي إلا فَرْضٌ علمي يُؤَلِّفُ بين عدة قوانين، على مبدأ واحد يُنْطَلَقُ منه إلى الاستنباط، كما رأى مجمع اللغة العربية بالقاهرة في "المعجم الفلسفي". وكل قانون من قوانينها إنما هو قاعدة مُلْزِمة تعبر عن طبيعةِ شيءٍ ما المثاليةِ، لِتَكونَ المعيارَ الذي ينبغي أن يلتزمه هذا الشيء لِيكون .
.
المفضلات