أخي الكريم فهد العتيبي
قصيدتك عذبة. وسأتطرق لناحية واحدة من مظاهر عذوبتها وهي القافية المنتيهية بالياء الساكنة رويا والكاف الساكنة وصلا ( ويجوز أن تشبع حركتها من حيث المبدأ).
وقد حملتني هذه القافية إلى استعراض الموسوعة الشعرية فخرجت ببضع قصائد على ذات القافية والروي، وكلها عذب فكأن القافية هذه عامل عذوبة يستتبع العوامل الأخرى.
والملاحظ أن الكلمات الأخيرة في كل الأبيات في جميع القصائد إما مثنّاة مجرورة في الأغلب أو منصوبة نادرا. وفيما عدا التثنية ترد كلمتا إليك وعليك. كما يغلب على القصائد بحر الرمل.
وهنا أبيات من بعض هذه القصائد قد تستدرج مزيدا من التأمل .
لابن حمديس
هاتِ كَأسَ الراحِ أَو خُذْها إِلَيكْ = يَنْزِلِ اللهوُ بها بين يديْكْ
ريقةُ العيشِ بِها فاخلَع عَلى = شَفَتَيها كُلَّ حينٍ شَفَتَيك
وأَطِع فيها نَديمَيك بِما = حَكَما واعصِ عَلَيها عاذِلَيك
وإذا سَقّيْتَ منها شفَقاً = طَلَعَتْ حُمْرَتُهُ في وجنَتَيك
وتَناوَلْ نَشوةً مِن رَوضَةٍ = طَلَعَت كَالشَّمسِ بِالنجمِ عَلَيك
وله كذلك :
ما الَّذي أَعدَدتَ لِلمَوتِ فَقَدْ = قُدِّرَ الموتُ بِلا شكَّ عَلَيك
أَذنوباً كاثَرت عِدّ الحصى = بِئسَ ما استَكثَرتَ مِن كَسبِ يَدَيك
بِئسَ ما يسمعُ مِن تَعظيمِها = مَلَكا القبرَ بِهِ مِن مَلِكَيك
أَيّ خَطْبٍ فادحٍ في رَقدةٍ = يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
أَيّ خَطْبٍ فادحٍ في رَقدةٍ = يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
لابن غليون الصوري:
بعضُ من غارَمَني لازَمَني = ثُم قَد أَصبَحَ يَدعوني إِلَيك
وعَلى جُودِكَ عَوَّلتُ به = مثل ما عَوَّل في الحُكمِ عَلَيك
شهاب الدين الخلوف
أوْدَى بِهِ السقم فَهَلْ تَشْفِهِ = فَإنَّمَا الرَّاحَةُ فِي رَاحَتَيْكْ
وَمَاتَ فِي الحُبّ وَلاَ مُنْعِشٌ = إلاّ ارْتشَاف الرَّاحِ من مَرْشِفَيْكْ
إلياس أبو شبكة
أُحِبُّكِ حينَ أَراكِ تَنوحينَ = وَالدَمعُ يَقطُرُ من ناظِريكِ
وَأَهوى تَقطُّعَ أَوتارِ صَوت = يُصعِّدُهُ الحُزنُ من مرشَفَيكِ
إبراهيم طوقان:
اشربي أنت وحسبي = نشوةٌ من مقلتيْكِ
اشربي أنت وحسبي = نظرةٌ في وجنتيكِ
اشربي أنت وحسبي = نهلةٌ من شفتيكِ
اشربي أنت ومالي = وحياتي في يديكِ
المفضلات