أستاذي خشان، السلام عليكم، وكل عام وأنت والجميع بخير.
بداية أسأل الله أن ييسر لك أمر إخراج الطبعة الثانية من كتابك بأكمل صورة، وييسر أمر وصولها إلى يد كل حريص على الاغتراف من هذا المعين.
وبعد، فبخصوص ما سجله قلمك هنا فأرى أنه أليق بأن يكون مدخلا من أن يكون مقدمة؛ على أنه اشتمل على فقرات يمكن جمعها مع استبعاد سواها لتكوّن مقدمة الطبعة الثانية.
وتبدأ الفقرات التي أقترح عليك استلالها من قولك: "انقضى ما يزيد على اثني عشر عاما منذ نشر الطبعة الأولى من هذا الكتاب، وفي تلك الطبعة استحوذ إثبات ..."
أما ما يسبق هذه الفقرة وبعض ما يتخللها حتى نهاية النص، فيمكن جمعه والإضافة إليه ثم إيراده تحت موضوع خاص أقترح أن يتبع المقدمة، وهذه بطبيعة الحال وجهة نظر شخصية تنطلق مما ينبغي أن تشتمل عليه المقدمة التالية لكتاب سبق صدوره؛ حيث ينبغي أن تقتصر على أمور مقتضبة منها: الباعث على إعادة طبع الكتاب، الإشارة إلى ما أحدثه من صدى، التنبيه على ما تم استدراكه أو إضافته إلى النسخة الجديدة... مع تحرير ذلك بعبارات موجزة.
أما هدف الكتاب وموضوعه وما إلى ذلك فتوضيحه متروك لمقدمة الطبعة الأولى والتي يتم إعادة نشرها عادة بعد مقدمة الطبعة الجديدة، وهذا عندهم أشبه ما يكون بالعرف المتبع.

ملحوظة خارج السياق:
عندي أن إبراهيم عليه السلام ما أشرك ولا تشكك في وحدانية الله عز اسمه طرفة عين، وأنه إنما كان يريد إقامة الحجة على قومه بما يعرض لتلك الآلهة من تغير يخرجها عن كونها آلهة إذ لو كانت آلهة لم تجري عليها الحوادث ولم يدركها النقصان ما يعني أنها مخلوقات مدبَرة، وبهذا أبطل إبراهيم عليه السلام ما ينسب إلى هذه الأجرام السماوية من ألوهية مما يقتضي عدم استحقاقها للعبادة ضرورة، كما أبطل ما للأصنام من ألوهة حين جعلها جذاذا فأثبت أنها عاجزة عن الذب عن نفسها فضلا عن الانتصار لبعضها بل أثبت أنها لا تملك حتى ما يملكه الإنسان من نطق وإفصاح.
ولم يكتف إبراهيم عليه السلام بإبطال ما في السماء وما في الأرض من آلهة مزعومة بل أبطل عبادة البشر في مناظرته مع الملك (زعموا أنه النمروذ) حين ادعى الربوبية وادعى أنه يحيي ويميت، فطلب منه خليل الرحمن أن يتصرف بالشمس فبهت الذي كفر...
وهكذا نرى أن إبراهيم عليه السلام جعل من الدليل العقلي الحسي مستندا له في هذه المواطن الثلاث.
وأصحابنا يذهبون إلى أن الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه معصومون من ارتكاب الكبائر، فكيف يتصور من أعظمهم شأنا بعد محمد صلى الله عليه وسلم أن يقع منه الشرك وهو أكبرها؟!

والله أعلم