لا يستعذب الشعر الفارسي إلا من يجيد الفارسية، كما لا يستعذب العربية إلا من يجيدها، لكن الكرباسي في المدخل وقد ذكر الكثير من الشواهد على الدوائر والبحور من الشعر الفارسي حاول قدر الإمكان ترجمة الأبيات بما يقرب المعاني إلى الذائقة العربية باستخدام نمط المصرعات أي باتحاد نهايات الصدر والعجز من حيث القافية، وهي مهمة ليست بالسهلة، ولكن تمكن الكاتب من اللغتين العربية والفارسية أعطى للترجمة كنهها وبلاغتها، من ذلك ترجمته في الحبيب في بحر المخفف يناشد حبيبه لئلا يحرمه من لحظاته ونظراته:
لا تدر وجهك عني يا مليحي .... لانك أنت المداوي لجروحي
أو ترجمته لبيت ورد في شاهد لبحر الأصم المستطرد، يناجي فيها الحبيب حبيبه وينشده باسم الوصال المقدس أن لا يبتعد عنه:
لا طاقة لي يا حبيبي بالفراق ..... ليس لي حيلة غير وصلك في اشتياق
أو ترجمته لبيت في شاهد على بحر الرمل يشبّه فيه شفَة الحبيب ورضابه بنبات طري مشهور لدى أهل مصر حلو المذاق:
شفتيك قبّلتُ فما حيلتي حديثك هو حلاوَهْ .... وما عملي فالنبات المصري كثير الطلاوهْ
أو ترجمته لشاهد بحر الهزج في حبيب يسائل حبيته عن الصد والغنج:
لماذا الصدِّ حبيبتي ولمَ تهجرينا .... وعلينا بسحرك دوماً تتبخترينا
ومثله من بحر الهزج معاتبا الحبيب:
كمْ ذا يا حبيبي منكَ أُصبتُ .... وفي فؤادي كم برمحٍ طُعِنتُ
ومن بحر المضارع جاءت ترجمة الشاهد في حبيبة أسكرها العشق:
أتتْ تطرق الباب حبيبتي وهي سكرى...... يا لطفها تلك التي حملت إليَّ مراراً الياسمين والزهرا
ومن بحر المديد يصف في الشاهد شمائل الحبيبة وقامتها المتماثلة مع شجرة السرو:
خصائلها المسكُ غاليةً وعارضُها الياسمينْ....... وقدّها السَّرو قامةً وشعرُها سلاسلُ الرياحينْ
المفضلات