أستاذي الفاضل خشان خشان، مرحبا بك...
الربط بين الأحرف والأرقام ليس بالأمر الجديد في ثقافتنا العربية كما تعلم، حيث
استخدمت صور مختلفة من هذا الربط في بعض العلوم القديمة كعلم الحروف، وإنما
الجديد هنا هو محاولة بناء هذا الربط على الاستقراء بعد النظر إلى ترتيب الحروف
العربية إما حسب أولويتها في النطق كما هو في ترتيبها الخليلي وهو ترتيب طبيعي،
وإما بحسب ترتيبها الألفبائي وهو ترتيب قد يكون وضعيا تم أخذه عن الفينيقية أو
غيرها من اللغات القديمة بخلاف الترتيب الأبجدي الذي تم الاعتماد عليه في العلوم
الخفية المسماة عندهم بعلوم الخواص على اختلاف بين المشارقة والمغاربة في ذلك
الترتيب، وهو اختلاف له تأثيره في حساب الجمل بلا شك، مع ملاحظة أن علماء
العربية لم يعتمدوا الترتيب الأبجدي في تصنيف معاجمهم رغم علمهم به مما قد يعني
أنه لم يكن يحمل في نظرهم أي خصوصية كأن يكون ترتيبا توقيفيا مثلا.
سؤال يطرح نفسه هنا وهو: لماذا اختلف المشارقة والمغاربة في ترتيب مقاطع النظام
الأبجدي للحروف؟
صحيح أن الاختلاف بينهم يسير لم يقع إلا في الأحرف الستة الأخيرة (ثخذ ضظغ) لكن
عدم تسليم المغاربة بترتيب المشارقة أمر يحتاج إلى بحث؛ ليعلم هل مرده إلى
الكشف والذوق أم إلى سبب ظاهر أشاروا إليه او ربما لم يشيروا إليه ولكن يمكننا
اليوم التوصل إليه من خلال أبحاث الرقمي معجميا.
هنالك إذن نظام طبيعي يقوم على ترتيب الحروف حسب مخارجها وفي هذا النظام
خلاف بين اللغويين وترتيب الخليل فيه هو الذي عليه الجمهور، وهنالك نظام ألفبائي
مستقر، ونظام أبجدي فيه خلاف بين المشارقة والمغاربة مع ملاحظة الاتفاق في
ترتيب المقاطع في (أبجد، هوز، حطي، كلمن, سعفص، قرشت) ليس بين المشارقة والمغاربة
فحسب بل بين العرب وغيرهم من الأمم التي اعتمدت هذه الأبجدية كالفرس
والسريان.
مع هذا فإن نظاما آخر بترتيب آخر يمكن أن يولد ويشار إليه باعتباره النظام الأصلي
التوقيفي لأحرف اللغة العربية باعتبارها لغة توقيفية ذات أصل إلهي.
يتبع....
المفضلات