شكرا لك أستاذتي الكريمة، وفيما يلي ما تبع من حوار :


اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود النجار مشاهدة المشاركة
الأخ الأستاذ خشان خشان
تحية طيبة وتقدير خاص
مبدئيا أقول على عجل :
أرى أن الحوار اتخذ منحى آخر يميل شيئا للعاطفة والكلام العام غير المقيد بمحاور النقاش التي انطلق منها الحوار ، ذلك أنك جنحت إلى ذم الحداثة وإثبات عورها ، ونحن لا نختلف معك في أن الحداثة فيما تحمل من فكر لا تتفق وقيمنا ومبادءنا ، وما دليل ذلك سوى أن منتديات تجمع شعراء بلا حدود خالية من أي نص فيه إساءة للتراث أو الدين أو اقتراب من الذات الإلهية ، حتى النصوص الصوفية التي نشك في احتمال مخالفتها للعقيدة ، وإن عن بعد ، نحذفها بعد أن نتشاور فيها ، وفي مدى قابليتها للتأويل !
لم يكن الحوار منصبا على الحداثة ، فنحن ضد الفكر الحداثي ، بما هو هدم للتراث والقيم النبيلة ، والإساءة لرموز الأمة عبر تاريخنا الأغر ، بل كان حول مشروعية قصيدة النثر وموسيقا القصيدة ..
إننا نرفض ، ابتداء ، كل فكر لا ينتمي لهذه الأمة ، وكل فكر يسيء لها ، وكل فكر لا يساهم في تطوير الوعي ، وتطهير الأخلاق ، لكننا في الوقت نفسه نعلم كيف يمكن لنا أن نستفيد من كل ما حولنا ، دون أن نتخلى عن دورنا في حماية التراث ، والوقوف على ثغور لغتنا وتاريخنا وعقيدتنا ، وأن نبذل ، في سبيل ذلك ، الغالي والنفيس .
لكن أرجو أن يتنبه أخونا الكريم خشان خشان إلى أن الرومانسية ، على سبيل المثال لا الإحاطة ، لا تنسجم مع قيمنا ؛ ذلك أنها تقوم على قيم الفوضى والبوهيمية والضبابية وأكثر من ذلك ، وفي الوقت نفسه ربما أكثر من 90% مما نكتبه ينتمي للمدرسة الرومانسية ؛ ذلك أننا ، بقصد أو بدون قصد ، نكتب شعرا رومانسيا ، لكننا لا نؤمن بالرومانسية ولا بحركة الفن للفن التي انبثقت عنها ، فثمة فكر وثمة شكل ، فالقارورة وعاء للخمر ، ووعاء للدواء ووعاء للزيت ، ووعاء للماء في آن معا ، وكذلك الأمر في الشعر والأدب ؛ فإذا تصورنا أن قصيدة النثر كافرة ؛ لأن مصدرها غربي ، فلنرفض سياراتهم وأثاثهم وأجهزة الحاسوب التي زودونا بها .. تكفر القصيدة ، أي قصيدة حين تحمل جينات الرذيلة والفكر المعوج ، لا حين تصطف كلاما نبيلا وقيما جمالية ساحرة .. !! لعل تجربتي الشخصية مع الكتابة اصدق مثال على التطور الفني الذي أواكبه بوعي كبير ، فقد بدأت بكتابة العمودي منذ نعومة أظفاري ، وفي تلك الأثناء كان معلمونا في المدارس ومشرفونا في المراكز الثقافية يحذروننا من شعر التفعيلة لأنه شعر كافر .. ! وبقيت على مسافة بعيدة منه إحساسا بكفره وعدائه للتراث ، حتى تمردت ، مع قصائد نزار قباني ، على أساتذتي ، وبدأت أكتب قصيدة التفعيلة ، وحين علا صوت قصيدة النثر خشيتها ابتداء متأثرا برأي الرافضين لها ، ثم شعرت بأنني مخطئ إذ لم أحاول الاقتراب منها ؛ فاقتربت ، وحاولت الكتابة ، وفي تونس والمغرب وجدت لها حضورا واسعا ، ووجودا قويا ، وأنه النص الأكثر شيوعا ؛ فأحدث هذا ارتباكا في خاطري ، وشعرت ، حقيقة ، بسذاجة تفكيري ، وأدركت يقينا أنّ موقفي من قصيدة النثر مضحك ، وأن هذا النص نص الأذكياء والمبدعين الحقيقيين ؛ لأنه أضاف الكثير إلى اللغة والأدب والنقد ، ولأنه يتصل وثيقا بسحر اللغة وعبقرية الصورة ، ويتكئ على ذكاء الدلالة والانزياح ، بحيث تحس بكبير نشوة وأنت تصطاد الصور من عوالم ساحرة غرائبية .. ولطالما ضحكت ، وأنا أقرأ لبعضهم بأن الشعراء يلجؤون لقصيدة النثر استسهالا ؛ على أنها من أصعب أنواع الكتابة وأكثرها حاجة إلى قرع الدماغ والغوص في الكلمة .. !
أكرر لأستاذي الكريم خشان خشان بأننا ضد الفكر الحداثي بما هو ثقافة غربية ملغومة ، وبما هو اعتداء على العروبة والإسلام والقيم الحضارية العربية الإسلامية ، وأؤكد له بأن قصيدة النثر كغيرها من النصوص يمكن أن تكون نصا محترما ويمكن أن تكون نصا سيئا ، تماما كما هي كل أنواع الكتابة . هل كانت رواية سليمان رشدي أو غيرها لتكون محترمة لو أنها كتبت شعرا عموديا ؟!!
هل سوء كاتبها متعلق بالشكل الذي ارتضاه لبث سموم فكره الخبيث ؟!
أخي الكريم خشان خشان ..
إنني أدعوك دعوة صادقة إلى الاقتراب من قصيدة النثر ، وأن تحاول الطيران في أفقها ؛ وأنا واثق أنك ستكون من أكبر أنصارها ، وأنك ستصر على أنها قصيدة ، وأنها أكبر من مجرد خاطرة نثرية .. !
ابق بخير ، ولي عودة بإذن الله

محمود

أخي وأستاذي الكريم محمود النجار

شكرا لتكرمك بالرد.
قد يستعمل التكفير لإرهاب التفكير
وقد تستعمل تهمة التكفير لإرهاب التفكير

محور الحديث الأساس يتعلق بالشكل سواء كان النص "المسمى قصيدة نثرية" مؤمن المضمون أو كافره.

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود النجار

فإذا تصورنا أن قصيدة النثر كافرة ؛ لأنها مصدرها غربي، فلنرفض سياراتهم وأثاثهم وأجهزة الحاسوب التي زودونا بها .. تكفر القصيدة ، أي قصيدة حين تحمل جينات الرذيلة والفكر المعوج ، لا حين تصطف كلاما نبيلا وقيما جمالية ساحرة ..


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان
غير ناسين طوال الوقت أن الأمر يتعلق بحق تسمية الشكل وما يؤسس له من مفهوم، وليس المضمون الذي يظل خاضعا لما تخضع له مضامين القول من شعر ونثر
.




أنت تتحدث عن المضمون وأنا أتحدث عن حق إطلاق المصطلح. ونظير ذلك في موضوع السيارة ليس رفض السيارة أو قبولها هو الموضوع، بل الموضوع تسميتها بسيارة أو أتومبيل أو ذات العجلات. عندما يترجم فيلم غربي ويقول الممثل ( Oh Christ ) فإن مترجم الفيلم ينقلها إلى العربية بصيغة (يا إلهي) .

لست ضد كتابة النص بأية صيغة وإذا كان الغربيون في سعة من تراثهم بما يتيح لهم حرية إطلاق لفظ الشعر على أي شكل يرونه ولهم من مفاهيمهم الـتأسيسية حرية تسمية الزوجين الذكرين المستغنيين عن النساء أسرة. فإن لنا من خصوصيتنا الثقافية ما يحد من حرية إطلاق هذين المصطلحين على هذين الشكلين في لغتنا. إذا يمكننا وفقا لمفاهيمنا التأسيسية المنبثقة من مرجعيتا الفكرية والأدبية والعقائدية تسميتهما ( النثر الشاعري - على سبيل المثال ) ، ( اللواطيان ).


ألا ترى أنك ترد على موضوع غير الموضوع الذي أتحدث عنه ؟

أتراني عاطفيا في هذا سواء كنتُ مخطئا أو مصيبا؟

قد يكون ما ظننته عاطفيا متعلقا بشرح عناصر خصوصيتنا الثقافية التي تحد من استعمال مصطلح ما بنفس الصيغة التي يستعملها الغربيون. هل أنت عاطفي عندما ترفض تسمية ( يهودا والسامرة )؟ إن كان الأمر كذلك فكلا نا عاطفي. وعاطفي كل من يغتاظ من ترديد الإعلام العربي لـ ( إشدود ).

والله يرعاك.