رد أستاذي الغول قائلا :

أخي الكريم ألأستاذ خشان أدامه الله .

أعتقد بأنك لو راجعت مناقشاتنا قبل سنوات , لوجدت الإجابة الشافية, ولكني عرفت بأنك لا تريد إلا النفور والجدل بسبب عدم اقتناعك بوجود النبر الشعري , وكثير من العروضيون لم تصلهم فكرة النبر وفاعليته فهم على شك مما نقول . أو أنك تستحضر لي الشواهد المصطنعة للتعجيز فقط أو للإمتحان , وتأخذ بالشاذ منها وتترك العام والمألوف .

لذلك أريد الآن أن أجاوبك بطريقة أخرى لعلك تقتنع , وإذا لم تقتنع فلا ضير في ذلك ولكن تبقى أخوتنا على ما هي عليه .

أخي الأستاذ خشان :
1 ــ أنت تؤمن بتداخل التفاعيل . وأنا أومن مثلك , ولكن ليس معنى تداخلهما أنك حصلت على نتائج إيجابية , لبيتين لكل بيت بحره المستقل عن الآخر , ولقافيتين متشابهتين بالصورة ومختلفتين في مواقع الأوتاد والأسباب . كما هما في البيتين أدناه , وهما من تصورك .

لكنني سآتيك ببيتين آخرين ومن خلالهما ستعرف النتيجة ولعلهما جواباً شافياً لسؤالك :
البيت:
(أبو مطر ٍ ) وعامرٌ وأبو سعد ٍ && الطويل ( الكافي صفحة ( 28 )
(لنا غنمٌ ) نسوّقها غزارا && ( الوافر) ( الكافي صفحة 51 )

وأنت تعرف بأن مقاطع ( أبو مطر ) العروضية هي نفسها مقاطع ( لنا غنم ) العروضية .
أي أن تقطيع أبو مطر ( ب ــ ب ب ـ ) ( 1 2 1 1 2 ) للطويل
وأن تقطيع لنا غنم هو ( ب ـ ب ب ـ ) ( 1 2 1 1 2 ) للوافر
وهنا أريد أن أسألك بالسؤال نفسه :
عندما تساوت هذه المقاطع في أول الطويل وأول الوافر هل هما التفعيلة نفسها , أي : هل المتحركان في (مطر ٍ ) تكافىء المتحركين في غنم ٍ ؟
فإن قلت نعم بأنهما خببيان ومتكافئان , فلا نزال على اختلاف إلى يوم الدين .

وإن قلت لا: ثم عللت السبب بأن (مطر ٍ ) قد اختلست مقطعاً من فعولن , ولا يجوز مقارنتها بالكلمة (غنمٌ ) التي هي آخر مفاعلتن , إن كان جوابك نعم , فنحن على اتفاق دائم , ويمكن لنا أن نستمر في المناقشة ليفهنا العروضيون كلهم .

وأنا أعتقد أن تداخل التفاعيل لا بد منه في أي بحر , ولكن طريقة إنشادها مختلف , ولأن طريقة تتابع أوتادها وأسبابها وزحافاتها مختلف . ولأن تفاعيلها مختلفة , ولأن مواقع نبرها مختلفة .
تعال معي إلى البيت الآتي :
شاقتك أحداج سليمى بعاقل ٍ ( الطويل المثلوم صفحة 28 الكافي )
ـ ـ ب ـ ـ ب ب ـ / ـ ب ـ ب ـ الطويل
2 2 1 2 /2 1 1 2/ 2 1 2 1 2
فعيناك للبين تجودان بالدمع
ب ـ ـ ب ـ ـ ب ب ـ ـ ب ـ ـ ـ
أنت تلاحظ بأن الشطر الأول قد حمل تفعيلتين من الكامل طولاً وعرضاً , فهل ننشدهما على بحر الكامل ثم ننشد الشطر الآخر على بحر الطويل ؟
فإن كان جوابك نعم ( فنحن على اختلاف إلى يوم الدين )
وإن كان جوابك لآ ( لأن شطر الطويل المحذوف حركة وتده قد عرفناه من الشطر الثاني , لذا فإن الشطرين ينشدان على إيقاع بحر الطويل , ولا دخل لنا بأسباب وأوتاد الكامل الوهمية والموجودة في الشطر الأول , لأن فيها ما يشبه الفاصلة لكنها ليست فاصلة , والفاصلة لا تعادل الزحاف لأي سبب ) فإن قلت نعم , عندها أقول لك بأننا على اتفاق .

وأما سؤالك يا أستاذ خشان في البيتين المذكورين أعلاه , فأتركهما لك لتنشدهما على طريقتك الخاصة , ويحق لك أن تتعامل مع التفاعيل المستنسخة كما تشاء أنت , وأنا لست ملحناً ولا منشداً , بل أنا أفسر الأشياء نظرياً لأن العروض ودراسته قد أخذناه نظرياً مع بعض التطبيقات العملية . ولكن شرحي السابق هو الدليل القاطع لما أقول .

يرعاك الله أخي وعزيزي الأستاذ خشان.
أخوك غالب أحمد الغول