لم ينفرد قدامة بتعريفه للتخليع ، فقد جاء في القرن السادس من يؤيده وهو اسامة بن منقذ في كتابه " البديع في نقد الشعر " حيث قال : " .. وتهذيب الوزن أن يكون حسنا تقبله النفس والغريزة ، غير منكسر ولا مزحف ، فإن أمكن فهو التخليع مثل :
المرء ما عاش في تكذيب..........طول الحياة له تعذيب
وهو تعريف نقدي كتعريف الأخفش للرمل بأنه " كل شعر مهزول ليس بمؤلف البناء " حيث عده عيباعند العرب ومثل له بقول عبيد :
أقفر من أهله ملحوب ..........فالقطبيات فالذنوب
ولكن البحر المعروف بالرمل لم يأخذ اسمه من هذا الوصف المعيب ، قال الزجاج : " سمي بالرمل وهو سرعة السير " . وقال أيضا وهو مما نقله ابن سيده في المحكم دون أن يسميه : "والمخلع من الشعر "مفعولن" في الضرب السادس من البسيط مشتق منه ، سمي بذلك لأنه خلعت أوتاده في ضربه وعروضه لأن أصله "مستفعلن" في العروض والضرب ، فقد حذف منه جزءان لأن أصله ثمانية ، وفي الجزأين وتدان ، وكأن البيت قد خلع إلا أن اسم التخليع لحقه بقطع نون مستفعلن لأنهما للبيت كاليدين ، فكأنهما يدان قد خلعتا منه" .
والفرق واضح بين ما وضع اسم علم لبحر وبين ما وصف به زحاف أو علة ( وانظر في تفسير تسمية البحور ومصطلحات الزحاف والعلة ما أورده التبريزي في الكافي ) .
ولم نجد بين بحور الشعر كلها بمختلف أعاريضها وضروبها ما أخذ وصفا لصق به كاسم مثل سادس البسيط ، وبعضهم اختص النوع المخبون العروض والضرب منه ، وبعضهم كنشوان الحميري من جعله علما على ضروب البسيط الأربعة الأخيرة .
ومن هذا كله نرى أن صفة التخليع لحقت مجزوء البسيط المقطوع العروض والضرب واختص بها فلذلك لا يمكننا نقلها لوصف بحر أو عروض أخر ؛ لأن هذا البحر أو العروض لا يشينه عيب ولا اضطرار فيه لتكلف زحاف ، ولذلك اعترضت على نقل الدكتور عمر خلوف لاسم المخلع علما على النسق الذي اختاره وهو من ضروب المنسرح التي لم يذكرها الخليل .
ولقد جاء الخليل بعروض للكامل ( خُلِع ) وتداه في العروض والضرب ، شاهده :
دِمَنٌ عَفَت ومَحا مَعارِفَها..............هَطِلٌ أجَشّ وبارِحٌ تَرِبُ
ولم يفرد الدكتور عمر لهذا البيت الأحذ العروض والضرب اسما يختص به نحو ( مخلع الكامل ) كما أفرد للبيت الأحذ العروض والضرب من المنسرح اسم المخلع وجعله بحرا مستقلا بنفسه دون أن يرتبط في منهجه هذا بإطار من نظام عام كالنظام الذي أوجده الخليل في ابتكاره لفكرة الدوائر .
وقد اعترضت أشد الاعتراض على مجيئه بتفعيلة لا وتد لها وهو القائل في كتابه " فن التقطيع الشعري " : " وبغض النظر عن مفعولات ؛ يلاحظ أنه لا بد في كل تفعيلة من وتد وحيد " .
ألا يدل هذا ولو من طرف خفي إلى أنه يعتبر تفعيلتي العروض والضرب في مخلعه هي
( مستفعلن ) بعد أن اعتلت بعلة الحذ ؛ ولذلك فهي لا تختلف عن ( متفاعلن ) الحذّاء في الكامل .
فمن أجل ذلك إذن اجتهدت في ذكر ما أغفله الخليل من أعاريض وضروب المنسرح بما يتفق مع منهجه في العروض . آملا أن أكون بذلك قد بسطت وجهة نظري التي أرجو أن لا تكون أقلقت أخي عمر خلوف .