أجل يا سيدي ، ثمة حاجة بل حاجات للعروض . فهو على أبسط الفروض يكشف زيف أدعياء الشعر الذين ذكرت بعضهم .. ثم إن العروض علم والعلم لا يتوقف أو تنتفي الحاجة إليه لو زهد الناس جميعا فيه ، ألا يزال العلماء يدرسون قواعد اللغة السنسكريتية ولا أحد ينطق بها الآن ؟
ولقد شرفني مرورك أخي أزكري الحسين واستبشرت خيرا في أن تؤكد قولي بإمكانية " تَعريف الحاسِب الإلكتروني بهذه القَواعِد في أيّ بَرنامَج لوَزن الشِعر بحيث يُمكن بأَقلّ قَدر من التَشكيل تَحديد الشَكل المَقطَعيّ للبَيت الشِعريّ ومن ثم التَعرّف على وَزنه وبَيان زِحافاته . كلّ هذا من غَيرأن نُضطَر إلى إعادة كِتابة كلّ بَيت من الشِعر كِتابة عَروضيّة ، لأنّ النِظام قادر على التَعَرّف على الوَزن ومُتَغَيّراته من خِلال استيعابه لهذه القَواعِد "
وأود أن أطرح هنا تصورا عن نظام لا يعتمد الحاجة إلى التقطيع وبالتالي نتجنب اللجوء إلى الخط العروضي . فمن المعروف أن الحروف ترمز إلى نوعين من الأصوات اللغوية هي السواكن consonants والحركات vowels ، واغلب الأصوات في الأبجدية العربية هي من الصوامت التي يرمز لها بالرمز ( ص ) في مقابل الحركات القصيرة وهي الفتحة والضمة والكسرة التي يرمز لها بالرمز ( ح ) . وأما الحركات الطويلة فهي فلا تتعدى ثلاثة حروف هي ألف المد وواوه وياؤه ولها ضعف كمية الحركات القصيرة ، ولذلك يرمز لها بالرمز
( ح ح ) . والكتابة العربية حافظت على كتابة الصوامت جميعها في الكلمة ما عدا الحالات التي يكون فيها الحرف مضعفا فنستدل على تكرار الحرف بعلامة الشدة . وإذن فالشدة حرف صامت يرمز له بالرمز ( ص ) أيضا . وهناك كلمات لم يراع في كتابتها إثبات بعض الحركات الطويلة نحو هذا ولكن وداود ، ومنها ما زيد فيه حرف لا ينطق به نحو ( أولئك ) ، وهذه كلها قد أوجد لها المبرمجون ـ ومنهم الأخ أزكري ـ الحل الذي يكفل تعرف الحاسب عليها .
إذن من الممكن جعل الحاسب يميز السواكن من الحركات في أي نسق لغوي ثم يقارن ترتيبها بنسق السواكن والمتحركات في المثال النظري للبحر المعين كالمتقارب الذي يتألف من تكرار
( فعولن ) وكل تفعيلة هي على النحو التالي :
فعولن = ص ح ص ح ص ص ح ص = ص ح ص ح ح ص ح ح
ويمكن برمجة الحاسب للتمييز بين الحروف المتشابهة في الخط القياسي ، فالألف التي تعتبر حركة ( ح ح ) في كلمة ( نار ) تكون صامتا ( ص ) في أول الجملة بما يسمى همزة القطع في كلمة ( اقرأ ) ولا تكون أيا من هذا وذلك في نحو كلمة ( ذهبوا ) حيث يمكن وضع شرط بتجاهل هذه الألف إذا وردت بعد حركة طويلة .
كذلك يمكن التمييز بين الحركات الطويلة long vowels وأنصاف الحركات semi vowels التي نعتبرها من ناحية وظيفية كالصوامت وبالتالي يرمز لها بالرمز ( ص ) . فالحركات الطويلة ضمن نظام التشكيل الذي اقترحناه لا يتم تشكيلها بينما تتميز أنصاف الحركات وهي الواو والياء فقط بأنها تشكل بإحدى الحركات الثلاث أو تكون مسبوقة بحرف مشكل نحو :
وَجد ، يَجد ، مَوجود ، مُيَسّر .
كذلك فنحن لا نشكل الحرف السابق للتاء المربوطة لأن هذا التشكيل لا يتجاوز الفتحة ، ولذلك يمكن الإيعاز للحاسب بإضافة حركة ( ح ) قبل كل ( ص ) تشير إلى تاء مربوطة .
كل ذلك لكي نتجنب تقطيع الكلمات على الخط العروضي وهو ما يعني تقليل الجهد المبذول في إعادة كتابة البيت الشعري المراد معرفة وزنه وزحافاته والاكتفاء بتعليم marking هذا البيت في موضعه من القصيدة لكي يتولى برنامج معين تحويل الكلمات المكتوبة بخطها القياسي ( لا العروضي ) إلى نسق من ( ص ، ح ) تجري مقارنته بالأنساق المخزنة في ذاكرة الحاسب والمحتوية على جميع البحور بمختلف جوازاتها المسموحة .
أيكون ما قلته أعلاه نحوا من الهذيان ، ما دامت المعلوماتية ليست من اختصاصي ، فإن لم يكن كذلك ، هل ستبقى ، في ظل برنامج سهل وكفؤ لمعرفة الوزن ، ثمة حاجة للخط العروضي ؟
تغن بالشعر إما كنت قائله ........ إن الغناء لهذا الشعر مضمار
المفضلات