السلام عليكم
مقال هام حقيقة , وأعتقد أننا يجب أن ننتبه إلى هذه الأمور جيداً
وقد لخص الكاتب الفائدة بقوله : " علينا، نحن المسيحيين العرب، أن نتجنب، بأي ثمن كان، إقامة تحالفات مع أي غازٍ جديد ضد العرب أو المسلمين. علينا أن ندعم الصراع العربي اليوم ضد هؤلاء الصليبيين الجدد الذين يتنكرون بزي محررين وناشري ديموقراطية، والذين يحاولون تشويه تاريخ العرب وإعادة تشكيل الثقافة العربية وقيمها. إن مساهمتنا في الثقافة العربية ضخمة. لا نحتاج حقاً إلى بعض المنشقين الثقافيين ليغرسوا في أذهاننا عقدة اضطهاد أو نزعة عداء حيال مواطنينا عندما يكون علينا أن نؤدي، كما فعلنا دائماً، دور الجسر بين العالم العربي وبين الغرب. "
وإليكم توصيات تبين وجود فئة واعية من المسيحين العرب الذين أدركوا ويدركون عدوهم الحقيقي , هذع التوصيات وردت في محاضرة ألقاها الدكتور القس رياض جرجور، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط- وألقيت هذه الكلمة، تحت عنوان "صهيو مسيحية أم صهيو أميركية؟"، في ندوة فكرية في مركز الإمام الخميني الثقافي – بيروت، في 8 نيسان (أبريل) 2003 ونشرت مع كلمات ومحاور أخرى في كتيب خاص ضمن سلسلة الندوات الفكرية التي يصدرها وينشرها المركز :
كيف نواجه الصهيونية المسيحية؟
إذا كانت الإدارة الأميركية الحالية يطغى عليها الصهاينة واليهود، من أعلى مستويات السلطة الى العديدين من المستشارين، وإذا كان الرئيس الأميركي الحالي هو أكثر الرؤساء افتتاناً بالنظريات الرؤيوية للصهيونيين المسيحيين، وأكثر بكثير مما كان عليه الرئيس جيمي كارتر والرئيس رونالد ريغان، فهل بات تصويب الأمور أمراً مستعصياً؟ وهل الصهيونية والصهيونية المسيحية قدر حتم علينا أن نتلقى ضرباته ونستسلم "لحق القوة" الذي ينتصر به على "قوة الحق"؟كلا! وعلينا أن نقاوم. علينا أن نقاوم لأننا أصحاب حق ولأننا أبناء الحق والعدل والسلام. وكما ان المقاومة اللبنانية الباسلة قد دحرت الآلة العسكرية الإسرائيلية الجبارة علينا كل من موقعه أن يلتزم مقاومته! أجل ، كل منا، الدولة والأحزاب وهيئات المجتمع المدني والكنائس و.. وهنا اسمحوا لي أيها الأعزاء أن أحدثكم باختصار شديد بما قام ويقوم به مجلس كنائس الشرق الأوسط للتصدي لمشكلة الصهيونية عامة والصهيونية المسيحية خاصة.
أولاً: لقد وضع مجلس كنائس الشرق الأوسط في أولى اهتماماته الإلتزام بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي والحوار الإسلامي المسيحي في سبيل إنماء العيش المشترك لا بل العيش الواحد. وجميع هذه المواضيع تصب في خانة مواجهة الصهيونية أكانت اسرائيلية أم مسيحية أم غيرذلك. وهكذا كثف مجلسنا، لا سيما في السنوات الأخيرة، عمله بشكل استثنائي مع الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي بإقامة الندوات المحلية والإقليمية والدولية لمعالجة آثار صهينة السياسة العالمية، وأذكر من هذه الندوات أهمها فقط: مسلمون ومسيحيون معاً من أجل القدس، حزيران (يونيو) 1996 التراث الإبراهيمي والحوار الإسلامي المسيحي، تموز (يوليو) 1998 العيش المشترك والتوترات الدينية، آذار (مارس) 2000 رفع الحصار المفروض على العراق، تشرين اول (أكتوبر) 2001 مسلمون ومسيحيون معاً في مواجهة التحديات الراهنة، كانون أول (ديسمبر) 2002 هذا بالإضافة الى لقاءات وتحركات كتلك التي قمنا بها إبان إصدار القانون الأميركي المتعلق بموضوع الإضطهاد الديني وغير ذلك، وحينها ذهبت الى الكونغرس لأشهد على عدم صحة ما تقوله الإدارة الأميركية من اضطهاد ديني في الشرق الأوسط.
ثانيا: أما في ما يتعلق بمواجهة الإعلام الصهيوني الذي يطغى على الإعلام الغربي، لا سيما في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، فيحرف الحقائق ويكوّن رأياً عاماً منحازاً لإسرائيل، فإن مجلس كنائس الشرق الأوسط يعمل عبر قنوات محددة يستطيع من خلالها مخاطبة الرأي العام الغربي ولو جزئياً لتصحيح ما أمكن من ملامح الصورة المشوهة عن أبناء الشرق الأوسط والمسلمين والإسلام والعرب. هذه القنوات تتمثل بشكل رئيسي بشركاء مجلس كنائس الشرق الأوسط أي مجالس الكنيسة العالمية والإقليمية والمحلية.وهكذا فقد تم تشكيل ما يسمى بمجموعات عمل حول الشرق الأوسط قمنا بها لكي تكون موازية في عملها للسفارة المسيحية "الصهيونية" في القدس وذلك في عدد من الولايات في أميركا الشمالية، وتقوم هذه المجموعات باستقبال وفود عربية، وبشكل خاص فلسطينية لتسمع منها ما يجري حقيقةً على الساحة الشرق أوسطية، كما قام أيضاً مجلسنا بدعوة وفود من معظم تلك المجالس الكنسية لزيارة بلدان الشرق الأوسط للتعرف عن كثب على حقيقة واقعنا، وهكذا أصدرت تلك الوفود الغربية بعد عودتها بيانات وجهتها ليس فقط الى أبناء كنائسها، بل أيضا الى جميع مواطنيها، وتضمنت صورة مختلفة أقله جزئياً عن تلك التي يحملها الرأي العام الغربي عما نحن عليه فعلا وعما نريده من حق وعدل وسلام. وكمثال عن هذه الوفود هناك خمسون أميركياً جاؤوا تقريبا منذ سبعة أشهر الى هنا، عدد كبير منهم كانوا من الجماعة الإنجيلية لا يعرفون أين هم مع اليمين المسيحي المتطرف أم المعتدل، هؤلاء بعد زيارتهم يوم كامل برعاية حزب الله في ذلك الوقت وبعدما رأوا وسمعوا قالوا "هل نستطيع أن نبقى في الجنوب لثلاثة أيام؟" وعادوا بفكر مختلف تماماً عما صور لهم قبل مجيئهم الى لبنان وقبل ذهابهم الى الجنوب.أريد أن أقول البعض حذرهم ليس فقط من الذهاب الى الجنوب، بل المجيء الى لبنان، وأنهم قد يقومون بقتلهم لأنهم إرهابيون ومجرمون. هذه الصورة تغيرت. نحن نريد أشخاصاً هكذا ليعلموا الغير ما يحدث فعلاً ويصححوا الصورة المشوهة.
أخيراً لا آخراً وفيما يتعلق بالصهيونية المسيحية بالذات، فلقد أدرك مجلس كنائس الشرق الأوسط تمام الإدراك خطورة هذا التيار ليس فقط على القضية الفلسطينية بل أيضا على العلاقات الإسلامية المسيحية، وعلى المسيحيين الشرقيين، وهكذا كان مجلسنا أول من أدان المؤتمر الصهيوني الذي عقدته السفارة المسيحية في نيسان من عام ألف وتسعماية وخمسة وثمانين (1985) والذي ذكرناه سابقاً ومما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط: "إننا ندين سوء استعمال الكتاب المقدس والتلاعب بمشاعر المسيحيين في محاولة لتقديس إنشاء دولة من الدول وتسويغ سياسات حكوماتها". وقد ألّف المجلس فريق عمل خاص بالصهيونية المسيحية، وأصدر في العام ألف وتسعماية وثمانية وثمانين (1988) كتيباً باللغة الإنكليزية يعرف بهذا التيار ويفند مزاعمه ويفضح أطروحاته ويدين أهدافه المشبوهة ولقد صدرت ترجمة هذا الكتيب الى العربية في العام واحد وتسعين (1991) وقد نفذت هذه الطبعة ونعمل على إصدارها من جديد.خاتـمـةختاماً أود التاكيد أمام حضرتكم على المسائل التالية:
أولاً: إن ما يسمى بالصهيونية المسيحية لا يمت بصلة الى المسيحية بجميع كنائسها وطوائفها. إنها اقتناص للمسيحية لوضعها رهينة في خدمة مصالح الصهيونية، وهي تشويه مشبوه الغايات لبعض ما جاء في أسفار الكتب المقدسة.
ثانيا: إنها مؤامرة حيكت ضد المسيحيين عامةً في العالم والمسيحيين العرب خاصة، فهي تضرب كل مشروع حواري ما بين المسيحية والإسلام، وتبرر أطروحات صراع الحضارات والأديان، ولا سيما المسيحية والإسلام، وهي تستهدف ضرب العيش المشترك الإسلامي المسيحي في دنيا العرب، ذلك العيش الذي مارسناه معاً وما زلنا بحلوه ومره منذ بداية الإسلام وحتى أيامنا هذه وبدون انقطاع.
ثالثاً : إن هذا الأمر يطرح علينا جميعاً تحديا كبيرا وهو بناء الوعي الذي يمنع تزييف الدين واستخدامه في تبرير سياسات الظلم والعدوان أو إضفاء القدسية على أحلام وأوهام مدمرة.
رابعاً: ولما كان منظمو هذه الندوة قد وضعوا لمحاضرتي هذه ،عنوان:"صهيو مسيحية أو صهيو أميركية؟" فلعلني بحديثي هذا قد أجبت على هذا التساؤل، وإذا ما استعدت ما قلته ووضعته في جملة أو جملتين، فإني أقول الصهيونية والمسيحية نقيضان، كما العنصرية والاصطفاء والاستعمار والاستكبار والظلم على نقيض مع المحبة والتواضع والأخوة والعدل والحق والسلام. أما أن تستخدم الصهيونية الأميركية المسيحية قناعاً ووسيلة وتبريراً لمشاريعها فإن هذا الأمر حاصل للأسف اليوم في أميركا ويمكن لا سمح الله أن يحصل في أي بلد آخر.
الكلمة الفصل فيما يعنينا نحن المسيحيين هي قول السيد المسيح"من ثمارهم تعرفونهم".
خامساً : أخيراً ولما كنا في هذه الأيام العصيبة نعيش مأساة أهلنا في العراق ونخشى أن تطال هذه المأساة شعوب منطقتنا كما نخشى أن تعطى لهذا الصراع أبعاد ليست أبعاده الحقيقية كالحرب الصليبية أنوّه هنا بالتقدير لجميع قيادات بلدنا سياسيين ودينيين الذي يعملون على تعميق الوحدة الوطنية والتضامن والتصدي لانحرافات محتملة قد تفسد وحدتنا وتضامننا وأخص بتقديري سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله الذي قال منذ أيام امام عشرات آلاف اللبنانيين:لنفتش عن شعار آخر لهذه الحرب الأميركية على العراق غيرالحرب الصليبية.أجل ، لنفتش معاً عن الشعارات الحقيقية لهذه الحرب، التي كشفت الوقائع ظلمها، ولنعمل معاً لرد هجمة "حق القوة"، ولنصرة "قوة الحق"، وإن الله الذي هو على كل شيء قدير لسميع مجيب.
المفضلات