السلام عليكم

بوركت أستاذ محمد مقال جميل وتحليل متقن .

جاء في النص : " و يدخل الدار و ينادي فاطمة "تعالي يا فاطمة! لا تيأسي من الشفاء. أم هاشم ستجلي عنك الداء، و تزيح الأذى، و ترد إليك بصرك فإذا هو حديد"

هل تعني المصالحة مع المجتمع تقبل كل ما فيه من خطأ وخرافة؟ أعتقد أن المصالحة تعني تفهّم هذا المجتمع , تفهّم خصوصيته وعاداته وتقاليده, ولكن المثقف الواعي هو الذي يعمل على الإرتقاء بكوامن القوة في هذا المجتمع بتنميتها وتشجيعها , ويعمل بنفس الوقت على إصلاح ما اعوّج من مفاهيم وعادات تحكّمت في هذا المجتمع وأدت إلى تخلّفه وخموله.

نقطة أخرى :
قلت أستاذ محمد : " بعد هذه التجربة الثقافية - النفسية المريرة عاد إسماعيل إلى الانتماء إلى الأصل، لقد توقف عن محاولة قتل المجتمع الأهلي و أبعد من ذلك: لقد أصبح جزءا من هذا المجتمع الأهلي. لقد أصبح مدافعا عنه. غير أننا يجب أن نفرق بين الحالين: "الأصل" و يمثله الأب و "التأصيل" و يمثله الابن. فالتأصيل تحول نفسي- اجتماعي- ثقافي يقوم به المثقف بعد عملية صراع و جدال طويل مع الثقافة المحلية بكل عناصرها: الغازية و الأصلية. و في مجتمعنا العربي القائم لا نجد "مثقفا أصليا" فقد تكفلت بالقضاء عليه لا عمليات التغريب فقط بل عمليات "الإصلاح" أيضا، و المراهنة الآن إنما هي على خلق شريحة ثقافية متماسكة من المثقفين التأصيليين، هؤلاء الذين خاضوا تجربة مماثلة لتجربة إسماعيل و استخلصوا نتائجها"

صدقت أستاذ محمد وقد وضعت يدك على الجرح , لقد صرنا نحتقر ذاتنا , لا نرى خيراً في مجتمعاتنا, وكأن كل ما عندنا كخ وكل ما عندهم جميل وراق, صرنا نستلذ بجلد ذواتنا, صحيح أن في مجتمعاتنا كثير من العيوب والأخطاء , ولكن فيها أيضاً كثير من عوامل الخير والنهوض, وما نحتاجه هو ايمان بكوامن الخير فينا وعمل وسعي للمحافظة على هذه الكوامن وتنميتها .
نحتاج أن يؤمن كل واحد فينا بما عنده هو نفسه من امكانات وخصائص ومواهب ليعمل على استغلالها بما يفيد أمتنا , وعلينا أن نؤمن أيضاً بقدرات أبناء أمتنا وتشجيعها .
والمثقفون هم المعبرون عن هذه الأمة , هم الموجهون لخط سيرها, فإذا استطعنا خلق مثل هذه الشريحة التي تحدثت عنها فإننا بالتأكيد سنستطيع البدء بالبناء الإجتماعي المطلوب فالأفكار هي وسيلة التطوير والبناء.