السلام عليكم

أنشد رجل قوماً شعراً فاستغربوه، فقال:والله ما هو بغريب، ولكنكم في الأدب غرباء.

طبعاً هذه المقولة تنطبق على كثير ممن يقرؤون الأدب اليوم, فكثير منهم غرباء في الأدب , لكنها تنطبق أيضاً وربما بدرجة أكبر على من يكتبون هذا الأدب, نرى الشاعر من هؤلاء, أو ممن يُطلق عليه لقب شاعر منحة أو تحبباً, نراه يختار ألفاظاً هي أبعد ما تكون عن الأدب ثم يسمي ما يقوله أدباً وشعراً, حتى صار في المفهوم الشائع بين الناس أن كل غريب غير مفهوم دليل على عبقرية كاتبه, ودائماً تراهم يستشهدون بالحادثة التي رويت عن أبي تمام حين قال له أحدهم : يا أبا تمام، لم لا تقول من الشعر ما يفهم؟ فقال له: وأنت لم لا تفهم من الشعر ما يقال؟
ويظنون أنفسهم قد أفحموا السائل أو المعترض على ترهاتهم .

دائماً أسأل نفسي عندما أقرأ مثل هذه الأشعار , لماذا يكتب الشاعر قصيدته أيكتبها لنفسه فقط أم أنه يريد منها وسيلة للتعبير عن ذاته أمام الناس؟
فإذا أرادها تعبيراً عن ذاته أليس من المفروض أن يستخدم ألفاظاً ومفردات وصور وتشابيه توصل ما يريد قوله ؟
ليس معنى هذا أن يكتب الشاعر ما يطلبه المستمعون ولكن يجب عليه أن يكتب ما يفهمه القراء, وما أجمل أن يملك الشاعر من أدوات التعبير ما يحقق قول المتنبي :
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي.................. وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها .................. وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ

فالشاعر الحقيقي هو الذي يستطيع أن يعبر عن نفسه وعن فكره وتصوره للأمور والأحداث والمشاهد بطريقة تصل للقارئ وتثير في نفسه النظر والتأمل والخيال, بدل أن تثير في نفسه الغثيان.