السلام عليكم
أستاذ محمد وأستاذ الصمصام عندما قرأت المقال لفت نظري ثلاثة نقاط الأولى تحدث عنها أستاذي محمد وهي أن الضعف الفني للشعر أو قوته لا يتعلقان بصحة موقف الشاعر الأخلاقية والدينية .
والنقطة الثانية هي التي تحدث عنها الأستاذ الصمصام عن أن مفهوم الخصوصية لا ينفي استخلاص القيم العامة والخصائص المشتركة من خلال أشعار مجموعة معينة من الشعراء مجتمعة على نهج وخط.
وبقيت النقطة الثالثة والتي كدت أن أنساها لانشغالي فيما مضى من الوقت![]()
لكنني وبعد مراجعة سريعة تذكرتها جيداً وهي تعليق على الدوافع النفسية للمجون :
المجون كصفة يتصف بها الإنسان تكون نتيجة عوامل متعددة منها ما يتعلق بالفرد نفسه ومنها ما يتعلق بمجتمعه الإنسان الماجن قد يلجأ إلى المجون للتعبير عن ذاته وعن يأسه واحتقاره لمن حوله ولما حوله ونحن نرى أن الإنسان السوي قد يتلفظ بألفاظ بذيئة عندما يحتقر من حوله فيغضب منهم ولا يجد في نفسه دافعاً لاحترامهم وتقديرهم .
بالإضافة إلى أن الإنسان يتشجع على المجون إذا وجد فيما حوله ما يشجع على ذلك , فالناس بشكل عام تضحك لسماع الألفاظ البذيئة وتحرص على سماعها وتضحك ممن يتلفظ بها وتصفه بالظرف فتقول هذا شخص لسانه على حسابه أي أنه يتحدث بما يريد وأمام من يريد بلا حساب ولا تقييد
فالمجتمع الذي وصل لمرحلة من الفساد لا يستنكر فيها البذاءة والمجون نجد فيه تنامياً لهذا , بعكس المجتمع المحافظ والذي تنتشر فيه القيم الأخلاقية يرفض مثل هذه التصرفات أو الألفاظ
وبالعودة إلى بشار نجد أنه عبّر بمجونه عن احتقاره وغضبه من مجتمعه ونجد أن هذا المجتمع تقبله لأن المجون هو رفيق الفراغ و الثراء والترف الذي انتشر في ذلك العصر.
وفي عصرنا الحديث وُصف نجيب سرور بالمجون , لكننا إذا رجعنا لحياته نجد فيها من المآسي والآلام ما يجعلنا نعتقد أن مجونه ما كان إلا تعبيراً عن سخطه واحتقاره لمجتمعه , وأن هؤلاء الذين عابوا عليه مجونه كانوا متحدرين أخلاقياً وفكرياً ولكنهم كانوا يلبسون ثوب الرياء الذي قال عنه الشاعر :
ثَوب الرِياء يَشِفُّ عَن ما تَحتَهُ ................ فَإِذا التحفت بِهِ فَإِنَّكَ عاري
المفضلات