أستاذي الكبيرالرسالة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان
أن يقف شاعر بين البحتري وشوقي واعيا أمر يتطلب شجاعة وثقة في النفس. ولعل هاتين الميزتين من مزايا الأخ عبد الوهاب القطب.
كم حاولت أن أعلق على القصيدة موضوعيا فخذلني اليراع،. فلا بد لناقد القصيدة من أن يكون ذا باع في الأدب والنقد يتناول فيه القصيدة في إطار يضمها مع القصيدتين المذكورتين.
ولهذا فإن ما أقوله فيما يلي هو مجرد مشي على شاطئها وتراوح بين بعض جزئيات رمل الساحل وضحل مياه البحر دون الجرأة على الذهاب بعيدا في شمول لجها بل لجهن.
وعندما تعيني الحيلة أتلمس موضوع م/ع لأجد فيه شيئا أكتبه. وهنا سأعرج على بعض قيم م/ع المقارِنة لا سيما وأن القصائد لها ذات البحر والقافية والروي وتتناول أشجانا متقاربة.
1-
يقول شوقي:
اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
ويقول عبد الوهاب:
(اختلاف النهار والليـل ينسـي).....فَدَعانـي ومـا نسيـتُ بـأمـسِ
فلنأخذ الشطرين المتممين لهذا الشطر في محاولة لاستشراف دلالة م/ع وكشف صلاحية دلالته على كليهما آنيا.
شوقي= أذكرا لي الصبا وأيام أنسي = 2* 3 2* 3 3* 2 3* 2 ....4/4=1.0
عبد الوهاب= فدعاني وما نسيت بأمسي=1 3 2 3 3 1 3* 2 ......1/5=0.2
كلا المؤشرين منخفض، دلالة على تناول أشجان بتأمل ولكن المؤشرين مختلفان فمؤشر من يريد أن يتذكر 1.0 ومؤشر من لا يريد التذكر 0.2 وهذا التباين يبدو منطقيا فإقبال عبد الوهاب على الجانب الإيجابي ( فاذكرا لي الصبا ) أشدّ من نهي عبد الوهاب عن تذكيره (فدعاني وما نسيت)
شوقي:
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عبد الوهاب :
واقبُرا كل قصـة ٍعـن شبابـي ....(صُوّرت من تصوراتٍ ومـسِّ)
شوقي = وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ = 1 3 2 3 3* 2* 3 2* ....3/4=0.75
عبد الوهاب= واقبُرا كل قصة ٍعن شبابي= 2* 3 2* 3* 3* 2* 3 2....5/3=1.75
يبدو الموضوع ذاته فيما يخص السلب والإيجاب، فشوقي يريد أن يتذكر وعبد الوهاب يريد أن ينسى، فلم انعكست العلاقة بين الشطرين مقارنة بالعلاقة بين الشطرين السابقين ؟
فزاد مؤشر شطر عبد الوهاب على مؤشر شطر شوقي ؟
هنا يبدو انقباض عبد الوهاب على الجانب السلبي ( أقبرا كل قصة) ، أقوى منه من انشراح شوقي على الجانب الإيجابي (وصفا لي ملاوة )
2-
يقول البحتري :
يَغتَلي فيهِم إِرتِابي حَتّى.............. تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ
يقول عبد الوهاب:
ما له اليـوم صامـتٌ كالليالـي..........ما له اليوم بـاردٌ مثـلُ رَمـسِ
لو كان الكلام نثرا فربما كان الأولى القول: " تقرّته يدي باللمس " و " هو بارد كالرمس" بتعريف كل من لمس ورمس . ولكن للشعر لغته التي تبيح مخالفة النثر في هذه، ولعل هذه المخالفة لا تخلو من دلالة إضافة التعميم بالتنكير. أيهما أبلغ ؟ للأستاذين محمد ب ورغداء زيدان فصل الخطاب في هذا.
ولو تأملنا قول البحتري في البيت :
مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمحٍ.......... وَمُليحٍ مِنَ السِنانِ بِتُرسِ
لوجدناه عرف سنان ونكر ترس، فلعل الأصل في تقديم التعريف والتنكير راجع للوزن.
3-
ليت شعري ما حرَّكتني القوافـي........منهما رغم مـا أهاجـا بنفسـي
أليس من تـناقض هنا بين الصدر والعجز ؟
4-
مركب بحر الخفيف ليس بالمركب السهل عروضيا.
مع التحية والأكبار لشاعر بيسان الحبيب.
خشان حفظه الله
أشكرك أيها الجميل على التحليل الذي استفدت منه كثيرا
وسبحان الله كم يصيب المؤشر عند ترجمة مشاعر الشاعر
بشكل دقيق أحيانا.وهذا ما أفاد به الاستاذ القدير خشان.
بالنسبة للتناقض الذي نوه اليه الاستاذ خشان
فأنا لا تفسير لي الا قولي بأن مؤشرا الانفعال -إن صح التعبير-
لدى الشاعرين العملاقين كان أقل برأيي المتواضع من انفعالي ومن
فوران مشاعري عندما تخطر فلسطين والقدس ببالي.
والله أعلم.
سؤال الى الاستاذ خشان والأخوة الفضلاء
إن وافقتم الاستاذ خشان في أن في البيت تناقض
فهل لي عندكم من مخرج؟وأكون لكم من الشاكرين.
إن هذا المنتدى بما يضم من الأساتذة الكبار ليشعر المرء
بأنه لا يضيع وقته بل يقضيه مستفيدا من الغير وعلمهم وتجاربهم.
فشكرا لكم جميعا وأولكم الاستاذ خشان.
تحياتي وحبي للجميع
المخلص
عبدالوهاب القطب
ابن بيسان
المفضلات