السلام عليكم

أستاذ محمد من الواضح أن المقدمة هي لحضرتك وقد جاء المقال مؤكداً لها لذلك فقد اعتبرت أن المقال قد بيّنها حتى ولو لم ينطق بها .

أستاذ خشان صحيح ما تقدمت به , يجب أن ننظر للأمر نظرة شمولية ومن خلال هذه النظرة يتضح لنا بما لا يدع مجالاً للشكّ أن الصهيونية العالمية لها الدور الأكبر لما وصل إليه العالم من حروب وشرور

وهنا أتساءل معك : " التركيز على دور اليهود والصهيونية العالمية في مواجهة أمتنا وتضخيمه، وإهمال سواه، أو وصف هذا (السِّوى ) بالصداقة، ألا يندرج هذا في نفس النظرة التي برمج الغرب فيها نظرتنا لأنفسنا وله وللآخرين ؟"

طبعاً دور اليهود والصهونية العالمية هو دور مهم ومهما بلغ احتقارنا لهم فهذا لا يلغي أنهم العدو الأساسي, وأنت أدرى أستاذي الكريم بأن القرآن الكريم قد وصف لنا هؤلاء ووصف لنا خبثهم ومدى حقدهم على غيرهم واحتقارهم لمن سواهم من الناس : " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (المائدة:78) "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً" (الاسراء:4)

ومؤمرات اليهود في كل مكان من العالم أكبر دليل على هذا , ففي الغرب الذي يتغنّى بالحرية والتقدم يعد مجرد انتقاد اليهود جريمة .
الصهيونية ليست هي العصا التي يضرب فقط بل هي الضارب أيضاً وذلك كما بيّن القس رياض جرجور في مقاله عن ما صار يُعرف بالصهيونية المسيحية حيث قال : " تم تعريف الصهيونية المسيحية على انها "الدعم المسيحي للصهيونية". وقد قيل أيضاً أنها "حركة قومية تعمل من أجل عودة الشعب اليهودي الى فلسطين وسيادة اليهود على الأرض". ويعتبر الصهيونيون المسيحيون أنفسهم كمدافعين عن الشعب اليهودي وخاصة "دولة اسرائيل" ويتضمن هذا الدعم معارضة كل من ينتقد أو يعادي "اسرائيل"."والتر ريغنز" الأمين العام لما يسمى "السفارة المسيحية الدولية" وهي من أحدث وأخطر المؤسسات الصهيونية ومركزها في القدس، يعرف اصطلاح الصهيونية المسيحية بطريقة سياسية وعلى أنه - أي التعريف - أي مسيحي يدعم الهدف الصهيوني لدولة اسرائيل وجيشها وحكومتها وثقافتها الخ.
أما القس "جيري فالويل" مؤسس جماعة العمل االسياسي الأصولي المسماة "الأغلبية الأخلاقية" وهو الذي منذ فترة تكلم واتهم دين الإسلام بأنه دين إرهابي، فإنه يقول: "إن من يؤمن بالكتاب المقدس حقاً يرى المسيحية ودولة اسرائيل الحديثة مترابطتين على نحو لا ينفصم، إن إعادة إنشاء دولة اسرائيل في العام ألف وتسعماية وثمانية وأربعين لهي في نظر كل مسيحي مؤمن بالكتاب المقدس تحقيق لنبوءات العهدين القديم والجديد" سنتعرض لهذه المسألة بعد قليل، إنما وفي ختام التعريفات أقول إن الصهيونية المسيحية في نهاية المطاف تعبر، وكما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط في نيسان عام ألف وتسعماية وستة وثمانين (1986)، عن مأساة في استعمال الكتاب المقدس، واستغلال المشاعر الدينية في محاولة تقديس إنشاء دولة ما، وتسويغ سياسات حكومة مخصوصة."

المشكلة أننا إلى الآن مازلنا نخمن من هو عدونا الأساسي, نحن نعيش حالة من التخبط بسبب كوننا نتلقى الصفعات من كل جانب حتى فقدنا ادراكنا وما عندنا نميز من يضربنا ومن يقف وراءه وما هي وسيلة الضرب .
اقرأ ما كتبه مهند الحاج علي في مقاله عن صورة من أجندة اليمين المحافظ في الولايات المتحدة , قال : أسس روبرتسون المعروف بـ"بات" "الائتلاف المسيحي" عام 1989 إثر فشله في الانتخابات الرئاسية عام 1988 في مواجهة الرئيس السابق جورج بوش الأب. ووضعت هذه الخطوة اطاراً منظماً للتيار المسيحي المحافظ الذي لعب دوراً اساسياً في رسم بعض سياسات ادارة الرئيس السابق رونالد ريغان, خصوصاً في ما يتعلق بحقوق الاجهاض وصناعة الافلام الاباحية. وأحد اهم اهداف هذا التنظيم وأولوياته دعم دولة اسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية في اي شكل من الأشكال. ويقف وراء هذا الدعم ايمان توراتي بأن اقامة دولة لليهود في فلسطين ستسفر عن قدوم المسيح المنتظر الذي يتولى لاحقاً حملة ضدهم لدفعهم الى اعتناق المسيحية! وعلى رغم النيات غير السليمة لهذا الدعم, الا ان الجزء الأخير لا يصب في دائرة اهتمام الدولة العبرية التي تعتبر هذا التيار حليفاً رئيساً في الساحة الاميركية, يفوق اهمية وعدداً اليهود الاميركيين, ويعزز كراهية المسلمين والاسلام في صفوف مسيحيي الولايات المتحدة.
وتقول روبرتا كومبز احدى قياديي الائتلاف: "المسلمون يكرهوننا لأن دينهم يأمرهم بذلك. الحرب الارهابية على اسرائيل نتيجة مباشرة للتحريض", داعية "المسيحيين واليهود الى الاتحاد للدفاع عن انفسهم". ولا يقتصر استغلال الدين على الحض على كراهية المسلمين بل يشمل انكاراً لحقوق الفلسطينيين ولوجودهم.
ويستخدم روبرتسون في خطبه عادة قصتي "جوشوا وديفيد" التوراتيتين للاستدلال الى ان القدس "كانت ملكاً لليهود قبل ان يسمع أحد بالاسلام".
ويشكل اليمين المسيحي العصب الاساس لدعم اليمين الاسرائيلي في الولايات المتحدة حيث تفوق درجة الحضور الاسبوعي (يوم الأحد) في الكنائس 20 مرة تلك الموجودة في بريطانيا (2 في المئة في مقابل 40 في المئة من السكان). كما يفوق تطرف هذه الفئة لمصلحة اسرائيل قدرة الأخيرة على تلبية رغباتهم الجامحة في قتل الفلسطينيين واغتصاب حقوقهم. فعندما طالب الرئيس جورج بوش اسرائيل بإخراج دباباتها من الضفة الغربية في نيسان (ابريل) عام 2002, تلقى البيت الابيض اكثر من مئة الف رسالة غاضبة من انصار اليمين المسيحي."

وسواء كان اليهود هم أصل الداء أم كان الغرب هم الأعداء المحركين لهم فإن هذا لا يعفي المسلمين من العمل, السلبية التي نحن فيها والإنحطاط والتققهر لا يبررها وجود أعداء لنا في العالم أقوى منا لدرجة صاروا يبرمجون فيها حتى تفكيرنا , نحن مطالبون بأمر الله بأن نكون خير أمة أخرجت للناس , مطالبون بالعمل لإحقاق الحق ونصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم .
فإذا انتبهنا لأنفسنا وقوّينا عزيمتنا ونصرنا الله فإن الله سبنصرنا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد:7)
" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:160)

ونعود هنا لما بدأنا به , أصل الداء منا , من أنفسنا أفراداً بالدرجة الأولى ثم جماعات , سوء التفكير واقتصارنا على رفع الشعارات دون فهم لها حتى , وجلد الذات الذي نقوم به باستمرار لن يعفينا من العمل الجاد لفهم ديننا فهماً بعيداً عن القوالب الجامدة التي تعودنا عليها , حتى صارت حملاً ثقيلاً من الغباء الذي جعلنا في مؤخرة الأمم علماً وأخلاقاً , لذلك يجب أن نفهم ديننا فهماً يعود إلى الأصل كتاب الله القرآن الذي فيه ذكرنا كما قال تعالى : " لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ" (الانبياء:10)