لا يخفى على الأخ سليمان أن طريقة الوصول إلى النتيجة أهم من النتيجة نفسها، كما أنه في الرياضيات يطلب في المدارس طريقة حل المسائل ويقدمون أحياناً الجواب لكي يتأكد الطالب أن الحل صحيح فقط إذ الجواب النهائي بحد ذاته ليس هو المطلوب هنا!
وما فعله الأقدمون من تمييز بالمعاني بين القديم و المحدث كانوا فيه رواداً لنوع هو فيما أرى من العلم القيم المتعلق بتاريخ المعاني أو تاريخ المفاهيم.
والقضية ليست هنا "عمق المعنى" كما ظن الأخ سليمان بل هي قضية مختلفة فلا شك أن أبا عثمان الجاحظ "أعمق معاني" من طالب من طلابنا العاديين الآن إن قرروا مثلاً في موضوع مدرسي أن يصفوا بخيلاً! غير أنك بلا ريب تميز الكتابة المحدثة من كتابة أبي عثمان من الألفاظ والمفاهيم المستعملة وليس من "العمق" بإطلاق المعنى.
وثمة ألفاظ لا شك في أنها محدثة تحكم سلفاً على نص أوردها بأنه حديث ولا تجادل في ذلك، فكل من قال "قومية" بمعنى الجنس فهو محدث! وقس على ذلك.
وثمة تعابير استوردت -ومعظم لغتنا الحديثة مستورد-ويستطيع الباحث تحديد الزمن الذي استوردت فيه من نوع "لعب دوراً"، "فاته القطار"، وآلاف التعابير، وثمة كلمات نعرف من ترجمها ككلمة"الباخرة" في وصف نوع آلي من السفن وإلى آخره..
ولو أن حضرتك شاهدت مسلسلاً سورياً عن حروب الفرنجة لوجدت أن الأبطال من المسلمين يعرفون هويتهم بأنهم "عرب" ولو عدت إلى الكتب لوجدت المحاربين آنذاك يعرفون هويتهم المميزة بأنها إسلامية..وإلى آخره..