أخوتي الأكارم
أسعد الله أيامكم، وبورك لكم في علمكم

قلت أن السؤال المطروح سيعود بنا إلى البدايات، ولكن لا بأس مادام الأمر سينتهي بنا إلى بلورة الأفكار، ومادام هنالك متابعون غير مختصين يترقبون فهماً أكبر لبعض حيثيات العروض.
إننا أمام ظاهرة العروض، وهي ظاهرة قائمة منذ مئات السنين، حمَلَت إلينا أوزان شعرنا العربي عبر هذا الزمن المتطاول، ولا شكّ أنّ لها ملايين المريدين.
والعروض هو مجموع قواعد الأوزان الشعرية، مادته الشعر، ومادة الشعر هي اللغة العربية، ومادة اللغة هي الكلمات، وأخيراً مادة الكلمة هي الحروف. وإن بناء الشعر قام على هذه الحروف، فتشكّلت منها كلماته، وتآلفت من كلماته أنساقه.
ونظراً إلى أن موسيقى الشعر شيء فطري، ينبع من تآلف الحروف، كان لا بد لقواعد موسيقى الشعر أن يُراعى فيها تلك الفطرية، وذلك الالتصاق بخصائص اللغة.
الهدف – إذن – من معرفة وحدات البناء الشعري هو استخلاص القواعد التي تحكم الأوزان ، كما قرر د.الثمالي. ولكن شريطة أن تتجلّى فيها فطرية الموسيقى، وأن تُراعى فيها خصائص اللغة التي تحملها، وأن تكون مبررةً أمام متلقيها الأخير.
وكما قال د.الثمالي؛ "فالوحدات وسيلة لا غاية"، والغاية واضحة، إلاّ ان تحديد الوسيلة، واختيار صيغة دون أخرى مرهون بالمبررات المنطقية، وهي وحدات سوف تعبر عن ذات الوزن الحقيقية، كما يريد أخي خشان.
ويبدو لي أن هذه مرحلة تالية لمرحلة فك شفرة الإيقاع، والتي ينادي بها الأخ سليمان، ويحاول الأستاذ خشان تطبيقها، وربما يسعى إليها الدكتور الثمالي في نظريته الجديدة.
أما الأهداف البعيدة التي ينظر إليها الأخ خشان فليست من مهمة العروض، وهي خارجة عن قواعده المنشودة، وإن كان بالإمكان الاستفادة من هذه القواعد فيما يتشوف إليه من آفاق.