التعليق و الشرح من الكتاب


هذه المقطوعة خارجة عن البحور التي وضعها الخليل بن أحمد، وأقرب ما يقال فيها أنها تجيء على السادس من البسيط، وليس هذا موضعاً لبسط الكلام فيه.
والنشوة :الخمر والسكر.
والخبب والخبب: ضرب من السير.
والبازل: التي قد استكمل لها تسع سنين فتناهى قوتها. والأمون: الموثقة الخلق.
وخبر إن في قوله (من لذة العيش).
وقوله(يجشمها المرء) من صفة البازل والمعنى يكلفها صاحبها قطع المسافة البعيدة فيمايهواه.
والمسافة مأخوذة من السوف، وهو الشم. وكان الدليل إذا اشتبه عليه الطريق يفعل ذلك.
والغائط: المطمئن من الأرض.
والبطين: الواسع الغامض.
وقوله(و البيض يرفلن كالدمى) يعنى به النساء. ويرفلن: يتبخترن في الريط، وهي الملاءةالواسعة.
والمذهب المصون؛ يراد به الثياب الفاخرة المطرزة بالذهب. وتعلق في من قوله(في الريط) بـ يرفلن، وكالدمى في موضع الحال.
و المعنى: والنساء البيض يتبخترن في المصونات
من الثياب الكريمات وهن مشبهات للصور.
والكثر انعطف على البيض، كما أن البيض انعطف على (وخبب البازل الأمون).
و المراد بالكثرة كثرة المال ومساعدة الحال، وضده القل. وقال الخليل: كثر الشيء: أكثره، وكذلك قله أقله. و الخفض: التودع.
وانتصب(آمناً) على الحال، وانعطف (وشرع) على الخفض.
فيقول: إن لذات الدنيا من مأكول ومشروب وملبوس، ومركوب وقد استعمله صاحبه فيما يهواه، وكلفه قطع المسافات فيما تدعوه إليه نفسه، والنساء البيض بالصفة التي ذكرها، والغنى والراحة في الأمن والملاهي،
جميع ذلك من لذة العيش.
وقوله (وشرع المزهر) أي الأوتار، واحدها شرعة. والمزهر : العود.
والحنون: يريد به الصبت من الحنين، فكأنه أشار إلى المزهر منقوراً ينقره الملهى.


فانظر فإنه جمع كل ما يلتذ به النفس، وجعلها تامة بما قرن به من حال الأمن، لأن جميع ذلك
إذا عرى من الأمن لم يستعطب ولم يستمراً.
ثم قال: (والفتى للدهر والدهر ذوفنون) الواو واو الحال، وذو فنون أي ضرب.
يريد: أن كل ذلك مما يتلذ العائش به، لكن الفتى مهدف للدهر، والدهر ذو تارات: كما يهب يرتجع، وكما يسلم بعل، وكما يودع يتعب، وكما يصفى يكدر، وبعد ذلك قال:
واليسر كالعسر والغنى كالعدم والحي للمنون
يريد أن شيئاً من هذه الأحوال لا يدوم إلا ريث ما يسلط عليه القواطع والمغيرات، فاليسار إذا حصل كالإعسار، في أن واحداً منهما لا يبقي، وغنى النفس كفقرها، ثم انتهاء كل ذلك للحي منا إلى الموت الذي لا غاية وراءه، وليس يتخلص منه بحيلة تنقذ، أو روية تعمل.