الشعر الجاهلي فيه روائع مجهولة تحتاج إلى من يكشف عنها ويعرفها للعرب وخصوصاً الشباب.
ومن المفارقات أن واحداً من الرواد في هذا المجال كان عدواًً كبيراً للشعر الجاهلي، عنيت به الدكتور طه حسين، ففي كتابه الشيق "حديث الأربعاء" تطرق لعدد مهم من هذه القصائد وشرحها بشكل شيق مبيناً حسناتها وقارناً إياها مع حياة الشعراء، والعبد الفقير لله كان من حسن حظه أنه قرأ هذا الكتاب في زمان الصبا الباكر.
وهذه المقطوعة التي ساقها الأستاذ خشان بذوقه المعروف هي واحدة من العناصر الجميلة في هذا الشعر.
أذكر في هذا السياق بيتين من الشعر كادا أن يطيحا بفراستي التمييزية وأعني بها تلك التي تميز عصور الشعر من ألفاظه وأسلوبه ومعانيه فلم أصدق لأول وهلة أنهما شعر قديم جداً.
عنيت بهما بيتي أبي صخر الهذلي:
وإني لتعروني لذكراك هزة..كما انتفض العصفور بلله القطر
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها..وينبت في أطرافها الورق الخضر
وفي الأبيات"ليت للبراق عيناً" مسألة لا أزال أفكر فيها منذ زمن بعيد هي مسألة القافية المقصورة-قافية الألف
فلو استعمل الشاعر هذه القوافي مثلاً: يأتي، يرمي، رمحي..لما قبلنا منه قافية الياء هذه.
وكذلك لو استعمل يدعو، ألهو، نعدو
وعلى أن الياء والواو حروف أصلية.
الألف إن كانت غير أصلية لا تكفي كحرف روي فلا يصح استعمال الكلمات قالبا، تنزلا، عائداً.. إلى آخره.
فقط جازت في الألف.
لا أزال أذكر أيام الحداثة حين كنت أستغرب القصائد المقصورة وأكاد أعدها من غير المقفى ولكني على الأصل الذي اعتمدت عليه فيما بعد أقررت بها لأن الذوق العربي استقر عليها، وعليها قصائد جياد:
ألا كل ماشية الخيزلى..فدى كل ماشية الهيدبى..
وغيرها..
بالمناسبة هل من الأخوة أحد عنده مقصورة ابن دريد؟
المفضلات