اارى من المجحف ان نقارن شعرنا بشعر الغرب وهل هناك اوزان لديهم كما ذكر في هذا المقال؟؟؟

*****************

أوجه الاختلاف و التقارب بين النثر و الشعر



الوحدة
عالم الأدب
الثلاثاء 13 / 2 / 2007
نور المضا حسن

طرح نقطة التأرجح بين النثر والشعر العديد من الأدباء والشعراء ومنهم الشاعر الفرنسي بوالو, وغوته الألماني وغيرهم ولكن سوف نتوقف عند الشاعر الانكليزي وليم وردز وورث في هذا المجال, (1770- 1885) والذي أعلن صراحة في مقدمته لديوان «الأقاصيص الوجدانية» إذ يقول: لا يوجد بين لغة النثر ولغة النظم أي فارق جوهري لذلك اختار في شعره أن يحاكي ويتبنى قدر الإمكان لغة الناس ذاتها, بل لقد رأى في الأشخاص الصدئين شعرية ما, لأن انفعالات


القلب ومشاعره تجد في حياة هؤلاء أرضاً خصبة تستطيع أن تبلغ فيها أشدها وتفصح عن نفسه في لغة بسيطة واضحة, لأن انفعالات الناس في مثل هذه الحالة تتحد بالجميل والدائم في أشكال الطبيعة ويرى ضمن هذا الاتجاه أن الجزء الأعظم من لغة أي قصيدة جيدة ينبغي ألا يختلف عن لغة النثر الجيد إلا من جهة الوزن لا بل أن المرء يجد أن معظم الأجزاء الطريفة من أجود القصائد هي ذاتها لغة النثر إذ ما كان في تأليف جيد, وليس أدل على ذلك شاهداً من شعر جون ملتين وتوماس غراي وهكذا يرى وردز وورث أن الصلات التي تفصل بين الكتابتين الشعرية والنثرية وثيقة, وإن كليهما يتحدث بنفس الأجواء وإلى نفس الأجواء, ويمكن القول أن هذين الجسمين الأدبيين مكونان من مادة واحدة, وأن مشاعرها من نوع واحد ومتحدة تقريباً لا تختلف حتى في الدرجة, ويتوسع بمفهوم الشعري فيرى فيه أكثر من كونه كلاماً منظوماً, فما جرت به العادة من استعمال لفظة (شعر) مقابلة لكلمة (نثر) قد أدخل في النقد ما لا حد له من الخلط, ويقترح بدلاً من ذلك جعل الشعر مقابلاً للعلم, فالكلام عنده لا ينقسم إلى شعر ونثر, وإنما ينبغي أن ينقسم إلى شعر وعلم ومن الشعر ما هو منظوم ومنثور أما المقابل الوحيد للنثر فهو «الوزن» ولم يكن متوقعاً لآراء وردز وورث في الشعر والنثر أن تمضي من دون تمحيص ونقد, بل لقد أثارت أقرب الناس إليه في تلك الفترة وهو صديقه كولريدج (1773- 1834) الذي انبرى للرد عليه بكتابه الشهير سيرة أدبية, في ثمانية فصول ملاحظاً أن أطرف قصائد صديقه التي كان فيها درامياً مؤثراً مثل (الأخوة) وميخائيل, وروث الأم المجنونة, لم تكن البتة مأخوذة من الحياة الدنيا أو الريفية على نحو ما أراد أن يتصور, فالحق أن الإحساسات واللغة التي يتصور إنها منقولة حقيقة من عقول مثل هؤلاء الناس, أو من محادثاتهم يمكن أن تعزى إلى أسباب وظروف ليس لها بالضرورة صلة بمهنته أو بمواطنهم, ويعزوها كولريدج إلى روح الاستقلال الذي يرتفع بالرجل فوق العبودية و الكدح اليومي, وإلى ما نصحب ذلك من ثقافة متواضعة, ولكنها دينية سليمة, ولم يستطع أن يوافق ما زعجه وردز وورث من أن أجود أجزاء اللغة إنما هو مقتبس من لغة الدهاء ذوي الثقافة المنحطة, أو الصدئين, فرد على ذلك أنه إذا كان لزوم الشيء يستلزم معرفته إلى حد يجعل التأمل فيه متميزاً فمعرفة السوقي غير المثقف محدود بقدر من الألفاظ منحصر بتلك الأشياء المألوفة التي عليها يقتصر تفكيره, ما سوى ذلك من عوالم التي لا يسعه التعبير عنها إلا بألفاظ قليلة يشوبها غموض واختلاط, وهكذا يخلص كولريدج إلى أن الثقافة «لا نقصها» هي ما يؤدي إلى أن يكون الشاعر شاعراً ويقف عند مقولة وردز وورث لغة الشعر هي في جوهرها لغة النثر, فيقول: أن للشعر والنثر المفردات نفسها أو القاموس عينه, لكن كولريدج يستنتج أن وردز وورث حقاً يعني أن الطريقة الشعرية في ربط الكلمات لم تكن لتختلف عن طريقة النثر, إذ قد يعثر الباحث على جمل ومفردات وعبارات جميلة وكثيرة الورود في الشعر, إذ انقلبت إلى النثر ظلت جميلة ومناسبة كذلك, فصحيح أن ثمة أبياتاً وعبارات جميلة يتكرر ورودها في الشعر وإذا ما نقلت إلى النثر ظلت جيدة وحسنة, وكذلك العكس فقد يقع في النثر نظام من الكلمات لا يقل مناسبة في قصيدة عنه في النثر, ولكن القضية لا ينبغي أن تناقش في هذه الوجهة, بل ينبغي الالتفات إلى أن هناك أنماطاً من التعبير وأنظمة للجمل تكون في مكانها الطبيعي في تأليف نثري جاد, ولكنها تفقد ائتلافها وحسن انسجامها إذ ما وجدت في الشعر المنظوم والعكس صحيح أيضاً.‏