أخي هيثم: قرأت آخر رد كتبته في عرش الغمام فاندهشت لما انطوت عليه حروفك تلك من سوء ظن وتجريح آثرت أن أترفع عن الرد عليه, وقرأت ردك هنا فزال عني ما اعتراني من اندهاش؛ حيث وجدتني أمام شخص مصاب بجنون العظمة لا يبحث إلا عن المدح والتصفيق !!!

وإني لأعجب منك, تحلم أن تكون شاعرا عظيما وقد عجزت حتى أن تكون إنسانا واعيا يتقبل النقد ويتسع صدره للحوار, إن أحسن محاوره شكره, وإن أساء عاتبه في رفق ولين.

لقد اعتبرت تعقيبي الأخوي على قصيدتك استخفافا مصدره التعالي ولم يرضِك ما كتبت؛ لأنه لا ينطوي على مديح خالص, فهل كان نصك يستحق مثل ذلك المديح؟
من وجهة نظرك: نعم, وأما من وجهة نظري فلا,
ولماذا لا؟
لأسباب عديدة منها أنك افتتحت قصيدتك بشطر من شعر غيرك وعززته بثانٍ
حتى بدت قصيدتك وكأنها ليست إكثر من صدى لتلك القصيدة النزارية, ولو كنت شاعرا غير فتي الموهبة لكنت مستقلا في تعبيرك عن ذاتك غير محتاج للاقتباس من نص آخر لا سيما وأن للاقتباس مبرراته الفنية التي إن عدمت دل ذلك على ضعف في النص وكاتبه.

أضف إلى هذا أنك تكتب بلغة معجمية, ولن أأتيك هنا بمثال من قاموس كلية الزراعة الذي استخدمت أحد مفرداته وتهكمت بإحدى الأخوات حين سألتك عنها, ولكنني سأضرب لك مثالا بكلمة (جدال) فهل هذه الكلمة باستدعاءاتها الدلالية قابلة للدخول في نص يفترض أنه ينتمي إلى الشعر الرومنتيكي ؟!
وليت هذه اللغة كانت معجمية فحسب, ولكنك رصعتها بصيغ لا تسمح بها لغة الشعر, تقول:
أن ذاك قول ليس فيه جدال
ولكي تمرر مثل هذه الصيغة المستثقلة وتحاول إقناعنا بها عمدت إلى الاستشهاد بقوله تعال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)
فهل الصيغتان متساويتان ذوقيا ؟
أترك الحكم لذائقة القارئ القادرة على التفريق بين أن ذاك و أن ليس.
ولن أدخل في التفاصل النحوية ولكن يكفي أنك استخدمت وجها منعه بعض النحاة, ولو لم تكن موهبتك فتية لأسعفتك بصيغة لا تستثقلها أذن ولا يرفضها نحوي.

أما هذا النص فيكفي أنه يشعر قارئه بأنه يقرأ فاتورة طلب معدات لإحدى الثكنات العسكرية.

أخي هيثم: لم أكتب هذا من باب الانتقام الشخصي ولكن حاولت التحدث معك باللغة التي تفهمها لعلك تفيق وتترك عنك هذا الغرور والتعجرف فلست وحدك القادر على كتابة الشعر, فأنا أكتبه والعنود تكتبه ويكتبه الصمصام وآخرون ولكننا لم نفعل كما تفعل أنت.

وأخيرا أقول لك بكل صدق: الشعر لن يخسر شيئا إذا لم تصبح شاعرا لكنك ستخسر احترام الآخرين إذا لم تكن إنسانا دمث الأخلاق.