أخي الأستاذ / خشان
أختى الفاضلة / كلمات
أخي الشاعر / بندر
كل الشكر لكم لما غمرتموني به من عظيم كرمكم وحفاوتكم الصادقة في المجلس الذي اخترته لأكون فيه مقيما بينكم . وأبدأ بأن أحاول شرح أمر يبدو لي أنه السبب الوحيد للتأبي الذي يلازمني على فهم العروض الرقمي إلى هذه اللحظة . وأذكر أني حين بدأت كتابة الشعر لم أجد يومها فرقا بين قصيدتي ومعلقة امرئ القيس ، فكلاهما تكتب أبياتها على شطرين في كل سطر ، وكلاهما تنتهي بتكرار حرف واحد أعلم الآن أنه يسمى الروي . وكم استغربت من رد هيئة تحرير المجلة التي أرسلت إليها قصيدتي العصماء بأن لا أتعجل في النظم وأن أنتظر حتى تصبح مادة العروض من المواد المقررة علينا في المدرسة . فما كان مني إلا أن فزعت إلى أصحاب الفصول العليا ممن يدرسون العروض ولكن لم يفدني أحد منهم بشيء ، ذلك أن هذه المادة كانت قد بليت بسوء ظن الجاحظ فيها حتى أصبح يعافها الطلبة في كل زمان . ولم يكن إذ ذاك في زماننا خشان وعروضه الرقمي وإلا لأسعفنا بفهمه الرياضي للوزن ولانعكس ذلك علينا على النحو الذي أراه مثمرا بهذا العدد المتزايد من تلاميذه ومريديه ، بارك الله له فيهم وبارك لهم فيه.
ما علينا ، فقد فهمت العروض كله دفعة واحدة من بيت قرأته ولا زلت أتمثل به حتي اليوم وهو ما جعلته توقيعا لي في هذا المنتدى ، فتأمله تلحظ فيه صدق ما أقول . المهم أني امتطيت إيقاع قصيدة كانت تغنى في تلك الأيام وإن كانت بسبب كثير من القرارات قد توارت خشية اتهامها بالإرهاب ، ومطلع هذه القصيدة وهي لعلي محمود طه وبألحان وغناء محمد عبد الوهاب :
أخي جاوز الظالمون المدى...................... فحق الجهاد وحق الفدا
فنجحت المحاولة وظفرت بأول قصيدة لي منظومة على بحر المتقارب كما قيل لي وقتها .
***********
الموضوع الذي يتصدر هذه الصفحة وهو بعنوان " هل استوعبت العروض الرقمي " أوحى لي به كتاب قرأته مؤخرا للسيدة ثريا محي الدين شيخ العرب بعنوان " الميزان الجديد في علم العروض والقافية " دار وائل للنشر، عمان – الأردن ، الطبعة الأولى 2004 م .
تقول السيدة ثريا في مقدمة كتابها : "... فرمزت لكل حرف متحرك برقم ( 1 ) ولكل متحرك مع ساكن برقم (2) فانفتحت أمامي آفاق واسعة لاكتشاف بعض أسرار هذا العلم الذي ميز الله به الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله وميز به نبوغ ذهنه وذكاءه الخارق فوجدت أن الأرقام تميز كل بحر عن الآخر فلكل بحر رقم متميز ، وحتى الزحافات والعلل التي تدخل البحر تميزها عن بعضها وعن التفاعيل الصحيحة ، ويستطيع المرء أن يعرف من تغيير الرقم ما هو الزحاف وما هي العلة التي تصيب التفاعيل ".
الملاحظ أن السيدة ثريا ( وهي أديبة وصحافية عراقية ) تتبع منهج الشيخ جلال الحنفي في التعبير عن المقاطع اللغوية بالأرقام ، يتبدى ذلك مما اقتبسناه من كلامها ومن تعبيرها عن المقطع المديد نحو ( باب ، بيت ، قدر ) بالرقم ( 3 ) .
وقد قدمت عرضا لشرحها باب بحر الطويل موهما أنه من عندي لأستدرج الحاسة النقدية لأخي وأستاذي خشان فلمس فيه أثر الشيخ العروضي جلال الحنفي وشجعني على الاستمرار في دراسة العروض الرقمي كما تقدمه مدرسته المتميزة .
وللأستاذ خشان رأي معروف تجاه عمل الشيخ الحنفي عبر عنه في ختام كتابه العروض رقميا (1997 ) ، لكن السيدة ثريا لا تشير إلى مواطنها الشيخ حنفي بأي إشارة وزعمت في كتابها بأنها لم يكن لها في دراسة علم العروض مرشد أو أستاذ يعلمها . وهي قد عرضت كتابها هذا على اثنين من كبار أساتذة اللغة العربية في بغداد أولهما د. نوري حمودي القيسي عضو المجمع اللغوي وعميد معهد الدراسات والبحوث العربية الذي أتاح لها أن تلقي سلسلة من المحاضرات على طلبة المعهد آتت أكلها كما يقولون في زيادة فهم هؤلاء الطلبة لهذه المادة ، والثاني د . صفاء خلوصي صاحب كتاب فن التقطيع الشعري الذي اعتمدت عليه كثيرا وبالأخص في مبحث القافية الذي عالجته رقميا .
لقد لاحظت أوجه شبه في هذا الكتاب مع أشياء وردت في كتاب الأستاذ خشان بدا لي وكأنها اطلعت على كتابه وإن لم تشر إليه ( ومنهجها بالطبع مغاير لما جاء به خشان ) لكن يبدو تأثرها بمواضع من كلام خشان في كتابه العروض رقميا ولن أطيل في سرد ذلك إلا أنني سأشير إلى قولها " ... ولسهولة التصور نعتبر الرقم (2) عبارة عن حرفين اتصلا بزاوية هكذا ( ورسمت الرقم على شكل زاوية حادة تشبه الشكل 2 ) فإذا سقط الساكن بقي المتحرك ووضع بشكل عمودي " .
لايمكن في تقديري أن يكون هذا الوصف مجرد توارد خواطر لما جاء في كتاب الأستاذ خشان ص 17 .
غير أن الملاحظ أنها أثبتت كلمة تقريظ د . نوري لعملها مؤرخة في 24/11/1983 م ، إلا أن هذا لا ينفي احتمال اطلاعها على كتاب خشان خلال السنوات العشرين الماضية وقبل أن تطبع كتابها على هذه الصورة هذا العام .
************
الأخ الكريم / بندر الصاعدي
لي فقط تعليق بسيط على قولك : " ومن هنا يمكن الحكم على الرجز بطي كل تفاعيله أنه من الخبب " . هذا مما يعرف عند أهل العروض بالتداخل بين البحور ولي فيه رأي يعرفه الأستاذ خشان فقد عرض لكتابي "في نظرية العروض العربي" ، والخلاصة أن الرجز عندي بالطي أو بغيره يظل رجزا والخبب يظل خببا ولا يتشابهان إلا ظاهريا . فالرجز مكون من سببن خفيفين ووتد والخبب مكون في رأيي من أسباب ثقيلة فقط . وأنه لو كان السبب الخفيف جزءا من تركيبه على نحو ما هو عليه الحال في الرجز لوجدنا فيه زحافات كالخبن والطي ، ولكن الزحاف الذي يجري في الخبب بأسبابه الثقيلة هو من نوع الإضمار في الكامل والعصب في الوافر .
المفضلات