بسم الله الرحمن الرحيم
لا تلْعَنِ الحُمَّى
د. ضياء الدين الجماس
كمْ تُلعن الحمَّى بنفثِ كلامِ = لَمَّـا تحطُّ رحالها بعظامِ
فإذا أوتْ بفراشِ صبٍّ حالمٍ= جعلتهُ يرقصُ رقصةً بضرامِ
متقلباً متأوهاً بلهيبه = وأنينه كَمِدٌ من الإيلام
فيسبها حنقاً ويلعن أمها = وكأنها سخطٌ هوى بظلام
لكنَّها للصابرينَ طهارةٌ = تُـهْدى لكلِّ مُقَرَّبٍ وهُـمامِ
فتزيدهُ صبراً ونورَ بصيرةٍ = متألقاً كالنجم في الأفلام
غسَّالة للذنبِ تجلو خبثَهُ = وتضيفُ حِلْماً دونَ أيِّ ملام
وتُنظِّفُ الجسمَ العليلَ بفَيْحِها= لتصُبَّه عرَقاً من الأنسامِ
لا تلْعَنِ الحمَّى فأنتَ مُضيفُها = للضَّيفِ حقُّ ضيافَة الإكرامِ
صُبُّوا عليها الماءَ منْ بَرَد الندى = فالماءُ يُطْفئ حَرَّها بسلام
فإذا استدامَ أوارُها أو عَرْبَدتْ = فاطلب خبيراً كاشفَ الأوهام
مسترشداً بالطبِّ يكشفُ سرَّها = ويـميطُ أستاراً عن الأسقامِ
فبحكمَةِ الحُكَمَاءِ يعطى بَلْسَمٌ = يشفي بإذنِ القادرِ العلَّامِ
لا تنسَ ذكرَ الله والزمْ حَمْدهُ= يذْكرْكَ في ملأٍ وخيرِ أنامِ
يلبسْكَ عافيَةً بأمنِ ردائه = فهو الحميدُ لشاكرِ الإنعامِ
وعليكَ بالصَّبر الجميلِ فإنَّهُ = بتَّارُ داءٍ قاطعٌ كحُسَامِ
===============
- عن جابر قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمّ السائب فقال: مالك تزفزفين؟ قالت: الحمى- لا بارك الله فيها- قال: لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد (رواه مسلم)
-" الحمى كِير من جهنم ، فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار " . رواه الإمام أحمد
-" تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا الهرم " رواه الأربعة
- إن تفسير الحكمة من وقوع الأمراض سواء كانت حمويَّة رافعة لدرجة الحرارة أو غير حموية لا يعني السكوت عليها وتركها تستفحل في الجسم ، بل من الحكمة البحث عن أسبابها ومداواتها، وإنَّ الحثَّ على ذلك وارد في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وما إرسال الأمراض للإنسان إلا لتطهيره من ذنوبه من جهة وكشف صبره ولجوئه إلى الله تعالى من جهة أخرى وهو معيار من معايير الإيمان بالله تعالى وحكمته. وما البحث عن العلاج إلا للتحري عن باب الفرج وطرقه، ولكل شدة فرج مقترن بها ونزوله مقدر بإذن الله تعالى، وإنَّ الصبر مع الحمد لله تعالى أول درجات باب الفرج وامتلاك مفتاحه في سورة الفاتحة (الحمد) ولذلك تسمى بالشافية
المفضلات