أخي الحبيب وأستاذي الكريم غالب الغول
صليت الفجربعد قليل نوم واطلعت على ردك ثم حاولت النوم فلم أستطع فقد فتح لي قولك: " أريد الآن أن أجاوبك بطريقة أخرى لعلك تقتنع " نافذة لم أستطع إلا أن أديم النظر من خلال روعتها على حواراتنا التي امتدت سنين. ولذا قررت أن أفتح لك نافذة مثلها عساها تفلح فياستدراجك إلى النظر من خلالها على حوارات السنين. ولذا أفتح لك نافذة مماثلة بالقول :" يا أخي وأستاذي غالب الغول أريد الآن أن أجاوبك بطريقة أخرى لعلك تقتنع " طبعا لن أجعل للنافذة إطار القول " بأنك لا تريد إلا النفور والجدل بسبب عدم اقتناعك بالرقمي أو التخاب" أو " أنك تأخذ بالشاذ وتترك العام المألوف " وحتى لا يفسر قولي على غير وجهه أوضح فهمي لموقفك من هذا الإطار كالتالي:
1- أنت لم تقصد النفور
2- أنت غير مقتنع بما في ذهنك من صورة للرقمي والتخاب. وأعتقد أنها صورة مختلفة عن الرقمي والتخاب الذين أعرفهما.
3- أنت لم تأخذ بالشاذ
نحن في هذا الحوار ثلاثة ولسنا اثنين.
الأول : الأستاذ غالب الغول
الثاني : خشان الغول وهو شخصية أغلب آرائها في العروض وخاصة الرقمي والتخاب من صنعك.
الثالث : خشان خشان وهو أنا
بودي أن أشير إلى أمرين في البداية
الأول : إيماني بوجود الجن لا يعني تصديقي لمن يقول إنه تزوج جنية وأنجبت منه ثلاثة أولاد. ولا يعني عدم تصديقي لزواجه بجنية نفيا لإيماني بوجود الجن.
وبالمثل فإني أقول بوجود النبر والإنشاد ولكن ذلك لا يقتضي التسليم بربطك إياهما بالزحاف والسبب السابق للوتد المجموع، وعدم تسليمي بمنهجك فيهما – سواء كنت أنا مصيبا أو مخطئا - لا يعني نفي وجودهما
الثاني : في سبيل توضيح ما أود الحصول منك على إجابة شافية عليه قلت أشياء على لسانك في حوار مفترض قد أكون فيها مصيبا فتقرني أو مخطئا فتقومني وفي الحالين يتحقق المطلوب.
وسأتخذ مما تفضلت به مجالا للحوار بين ثلاثتنا داعيا الله أن تتضح لك الصورة الحقيقة للرقمي وللتخاب وأن أوضح لك من خلال العامّ الذي جئت به بعد زيادته تبلورا ووضوحا لا من خلال الشاذ الذي تتهمني أنني آخذ به ومن خلال ذلك أتمنى أن تتضح المفارقات العجيبة التي اكتنفت حوارنا طيلة هذ السنين.
من الوافر : لنا غنم نسوّقها غزارٌ .......كأن قرون جلتها عصيُّ
من الطويل :لنا غنمٌ في الأرض ترعى وتشربُ ..... ونحن حواليها نذود ونلعب
يسأل الأستاذ غالب الغول : عندما تساوت هذه المقاطع في أول الطويل وأول الوافر هل هما التفعيلة نفسها , أي : هل المتحركان في (غنمٍ – الوافر ) تكافىء المتحركين في (غنم ٍ- الطويل ) ؟
يقول خشان الغول : نعم تكافئانهما
يقول الأستاذ غالب الغول : إذن سنبقى على اختلاف إلى يوم الدين.
يقول خشان خشان : وأنا معك أستاذي الغول في خلاف مع خشان الغول إلى يوم الدين، إذ لا يقول بتكافئهما عروضيا إلا جاهل بألف باء علم العروض، فإن ( لنا غنمَ ) في الوافر = 3 1 3 = 3 11 2 = 3 (2) 2 يستقيم الوزنه لو قرأها قارئ بالخطأ على أنها ( لنا غنْمٌ = 3 2 2 بتسكين النون) ذلك أن السبب الأول من الفاصلة ( غنَ ) = (2) سبب خببي ثقيل يحل محله السبب الخببي الخفيف. ويتحطم الوزن لو قرأها ( لنا غانمٌ = 3 2 3 )
أما ( لنا غنم ) في الطويل = 3 1 3 = وتد + سبب مزاحف + وتد وطالب الرقمي يعرف من الدورة الرقمي الميسر ومن الدورة الثانية التفريق بين 1 3 و 1 3 إذ يجري التركيز عليه بشكل مكثف كأساس مهم جدا من أسس الرقمي.
(لنا غنم) في الطويل لو قرأها قارئ بالخطأ على أنها ( لنا غانّمٌ = 3 2 3 ) لبقي الوزن سليما، ولو قرأها ( لنا غنْمٌ = 3 4 ) لتحطم الوزن تحطيما
خشان الغولوغالب الغول إذ يتداخل صوتاهما :" هذه مبادئ في العروض يعلمها ابن الابتدائي فهل تسخر بنا "
خشان خشان : معاذ الله. فشبهة السخرية إن كانت موجودة فهي فيمن ينسب إلى سواه احتمال القول بأن ( لنا غنم) في كل من الطويل متكافئتان عروضيا
إنما أعرضها ما تقدم دفعا لهذه التهمة عن نفسي بناء على أنها في الرقمي أساس هام لا ينبغي لمن يعرف ألف باء الرقمي أن يشك في نفي التكافؤ عنهما. ولا لمن يعرف فهمي له أن يتهمني بالقول بأنهما متكافئتان عروضيا.
ولا يترتب على القول باختلافهما في العروض التسليم باختلافهما في الإنشاد. فأنا أقول " إنهما غير متكافئتين عروضيا ولكنهما متكافئتان إنشاديا "
إنني أقول إن عدم تكافئهما عروضيا لا يعني اختلافهما في الإنشاد أو النبر أو الوقت ، فإن (لنا غنَمٌ ) تقرأ أو تنشد في الطويل كما تنشد في الوافر. ولا يختلف إنشادهما إلا في ذهن أستاذنا الغول. هذا الفارق الذهني في إنشادهما يأخذ به الأستاذ الغول كمسلمة يريد فرضها على الواقع، فأتوقع إن سألته أن ينشدهما ليبيتن الفرق بينهما فسيقول – كما قال مرارا عن سواهما - :" لست منشدا " إذهب إلى منشد ينشدهما لك. والمأخوذ على أستاذنا الغول أنه يتحد في المطلق ويبتعد عن التطبيق، لأن من السهل فرض وحدة التصور بين المطلق والصورة الذهنية، ولكن من المستحيل في حال الخطأ إثبات ذلك في الواقع التجسيدي، إذ يحتاج ذلك إلى منشد كما أرجح أن يقول أستاذنا. وهنا أرجو وأتمنى أن أكون مخطئا وألح عليك أستاذي في الطلب أن تتكرم بتبيان الفرق في الإنشاد أو النبر أو النطق بين (لنا غنمٌ ) في الطويل و (لنا غنمٌ ) في الوافر، فلو فعلت فإن ذلك سيكون عندي أفيد من شرح سنين طوال في فهم وجهة نظرك على الواقع.
وعلى فرض – جدلا - أنه ثبت أنهما غير متكافئتين إنشاديا فإن اختلافهما في الإنشاد ناجم عن اختلافهما في العروض وليس العكس. ولا يصح أن يكون الإنشاد القائم على فهم لدقائق العروض حجة على العروض.
وبصدد المطلق والتجسيد فإن مقياس صحة المطلق الرقمي هو صحة تجسيده، ولذا يندر أن أذكر رأيا دون التمثيل له ببيت شعر، في حين يقل جدا أن يتناول أستاذنا أبيات شعر بالشرح والتحليل وفق المطلق لديه من نبر وإنشاد ووقت مقاطع لا يأخذ الهيئة بعين الاعتبار.
خشان الغول : " ما دمت واثقا من نفسك لهذه الدرجة فلماذا تلجأ إلى الشاذ ؟ "
خشان خشان : هل ( لنا غنَمٌ ) من الشاذ ؟
خشان الغول : " بل أقصد البيتين ؟ "
خشان خشان : أفلا تجيبني أولا على التمييز بين ( لنا غنمٌ) في الطويل و(لنا غنمٌ) في الوافر من حيث التوقيت ؟
خشان الغول : " سيجيبك أستاذي الغول "
خشان خشان " أستاذي وأستاذك الغول لن يجيب مباشرة وسيفعل كما فعل في موضوع ( ويبتعد ) في ضربي مجزوء الوافر والبسيط فهو لم يجب هناك واعتبر ذلك من الشاذ . واستدعاء لإجابة أستاذنا الغول أجيب بلسانه وليصححني إن كنت مخطئا " ( لنا غنم ٌ ) في الطويل مدتها الزمنية أطول من ( لنا غنم ) في الوافر لأن أصلها في الوزن ( لنا غاااااااااااااا نمن ) فالمنشد سيطيل مد الفتحة ليعوض هذا الفرق. والطريقة الأخرى لتعويض زمن الزحاف هي الصمت قليلا ولكن لا مجال للصمت بعد متحرك .
خشان الغول : " لا تتهرب من سؤالي حول استشهادك بالشاذ أعني ( ويبتعد ) في نهاية كل من مجزوء الوافر والبسيط "
خشان خشان قبل إجابتي أود أن أتأكد من أستاذنا الغول أنه يعنى بذلك أنهما متكافئان خببيا وإنشاديا ولو على سبيل الندرة أو الشذوذ ؟
غالب الغول : نعم أعني ذلك
خشان خشان : إنني جد سعيد لسماع ذلك. إذ أن أنه يعني أننا متفقين اتفاقا تاما. فالقول بالتخاب عندي في الشعر مجاله الوحيد في منطقة الضرب بعد الأوثق. أي هو في هذه المساحة التي قد تظهر لكما ضئيلة ولكن كل أحكام العلة التي تتناول التغيير العضوي للوزن– عدا الخزم والخرم والتسبيغ والتذييل والترفيل وجميعا تغييرات لا تؤثر في عضوية الوزن – تقع فيها، وأحكام التخاب في الشعر لا تتعداها والتخاب فيها يقدم تفسيرا مختلفا للعلة منسجما مع شمولية الرقمي.
إنّ ( ويبتعد ) في كل من ضربي البسيط ومجزوء الوافر تقع بعد الأوثق فيجوز فيهما التخاب
ولكن ( لنا غنم ٌ) في الطويل تقع قبل الأوثق فلا يصح فيها التخاب. والفاصلة في الوافر سببها الأول خببي فالتخاب فيه أصيل حيثما كانت فاصلته. هل فهمت واقتنعت يا خشان الغول؟
خشان الغول : " إنني محتار فما أنا إلا من نسج أفكار سيدي غالب الغول ولا أملك أن أتخذ موقفا إلا بتعليماته وأخاف وافقتك أن يمحوني بل يحطمني، فإن مبرر وجودي الوحيد هو اختلافكما فأنا مبرمج على قول الزور الذي يسهل على أستاذي الغول إثبات بطلانه فيعلن انتصاره عليك وعلي لاشتراكنا بالاسم الأول، فإن اتفقتما فسيستغني عني ويمحوني من ذهنه مع ما سيمحوه من إنشاد ونبر"
على أن مما يطمئنني أنه سيعز على أستاذنا أن يعترف أنه كان طوال سنين يحاور في واد غير وادي الرقمي، ولن يكون من السهل عليه أن يقول إن فهمه للتخاب كان صورة لا تمت إلى واقعه بصلة
خشان خشان : أيها المسكين يا خشان الغول ها أنت من حيث لا تدري حكمت على نفسك بالموت فكيف ستعيش بعد قولك :" على أن مما يطمئنني أنه سيعز على أستاذنا أن يعترف...." فهذا سيعطيك شخصية مستقلة عما في مواصفات صنعك لدى أستاذنا .ولن أحزن على موتك فما أنت إلا وهم بانقشاعة سيعرف أستاذنا ما هو الرقمي، وهو إن وصل إلى هذا واتجه لغهم الرقمي الحقيقي سيكون نعمة على اللغة والأدب والعروض والفكر والعلم. وربما أقلع عن ربط النبر والإنشاد بالعروض. وسوف أعتب على أستاذنا عتبا شديدا بعد كل هذا الشرح إن أصر على خلط عرباس ما قبل الأوثق بدرباس ما بعد الأوثق في موضوع التخاب. وليتك تقرأ مشكورا التعليق الذي يتلو الجدول
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/adhrob
.
ولأستاذي الغول أكرر
1- من اجتزأ ارتزأ فسيضطره ذلك إلى الحوار بمنطق ( عنزة ولو طارت )
2- الكلام في التخاب بلا فهم للأوثق كالصلاة من غير وضوء.
3- سيكون من دواعي سروري إن نجحت في إقناعك أن ما تتكلم عنه من رقمي هو رقمي خاص بك وبخشان الغول وأنا منه بريء.
وللقارئ الكريم أقول إنه لا سبيل إلى فهم مضمون الرقمي والتواصل من خلاله مع شمولية منهج وفكر الخليل دون الدراسة المنهج لدورات الرقمي لا لما احتوته من معلومات تكاد تكون معروفة للجميع ولكن بما تنشئه من طريقة لمقاربة العروض تقوم على منهج التفكير والفهم والتجريد والشمولية في مقابل منهج الحفظ والتجسيد والتجزيء.
وهذا أمر يعزف عنه الشعراء الكبار والعروضيون الكبار وتقف في سبيله في الذهن عقبة التفاعيل وحدودها التي يصعب التخلص منها، وقد كان ذلك صعبا علي.
حفظك الله أستاذي الكريم وقد أمتعني هذا الحوار أكثر من أي حوار آخر طوال السنين التي مضت، وهو على الأقل أوضح لي الكثير من فهم موقفك، وسيتم وضوح ذلك لو تكرمت بالإجابة على السؤالين مباشرة:
1- هل توافق معي على أن ( ويبتعد) في كل من ضرب مجزوء الوافر والبسيط هي ذاتها عروضيا ومن حيث وقت اللفظ في الإنشاد وغيره وإن اختلفا فكيف.
2- أعتقد أن ( لنا غنَمٌ ) في الوافر والطويل وإن اختلفتا عروضيا فإنهما متفقتان من حيث زمن اللفظ في الإنشاد وغيره، وإن اختلفتا فكيف ؟
وإني إذ أرجو الإجابة المباشرة فبقصد الوصول للحقيقة فإجابتك المباشرة ستساعدنا جميعا وخاصة أنا والقارئ على تبين الصواب. أتمنى أن لا تَضيع الفرصة التي تمثلها هذه اللحظة التي جاءت تتويجا لحوار سنين أظن أن النقاط خلالها لم توضع على الحروف كما وضعت هذه المرة.
يرعاك الله.
المفضلات