السلام عليكم
أستاذ الصمصام أتمنى معرفة رأيك , وسماع نقدك , وثق أن شعاري هو (رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي)
لك تحياتي
الإخوة الأفاضل إليكم حادثة أخرى وردت في الأغاني :
" ذكر شعر الحارث بن خالد وشعر عمر بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق في مجلس رجل من ولد خالد بن العاصي بن هشام، فقال: صاحبنا - يعني الحارث بن خالد - أشعرهما. فقال له ابن أبي عتيق: بعض قولك يا ابن أخي، لشعر عمر بن أبي ربيعة نوطةٌ في القلب، وعلوقٌ بالنفس، ودركٌ للحاجة ليست لشعرٍ، وما عصي الله جل
وعز بشعر أكثر مما عصي بشعر ابن أبي ربيعة، فخذ عني ما أصف لك: أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته. فقال المفضل للحارث: أليس صاحبنا الذي يقول:
إني وما نحروا غداة منى ........... عند الجمار يؤدها العقل
لو بدلت أعلى مساكنها ............ سفلاً واصبح سفلها يعلو
فيكاد يعرفها الخبير بها ............. فيرده الإقواء والمحل
لعرفت مغناها بما احتملت ............. مني الضلوع لأهلها قبل
فقال له ابن أبي عتيق: يابن أخي، استر على نفسك، واكتم على صاحبك، ولا تشاهد المحافل بمثل هذا، أما تطير الحارث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله! ما بقي إلا أن يسأل الله تبارك وتعالى لها حجارةً من سجيلٍ.
ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبةً للربع من صاحبك، وأجمل مخاطبةً حيث يقول:
سائلاً الربع بالبلي وقولاً ................. هجت شوقاً لي الغداة طويلا
أين حيٌ حلوك إذ أنت محفو ............... فٌ بهم آهلٌ أراك جميلا؟
قال ساروا فأمعنوا واستقلوا .............. وبزعمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مقاماً ........................ وأحبوا دماثة وسهولا
قال: فانصرف الرجل خجلاً مذعنا.
فقال جرير: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه وأصابه هذا القرشي."
أراد الحارث أن يقول أنه من شدة حبّه لحبيبته لعرف ديارها حتى ولو قُلبت رأساً على عقب
بينما أبيات عمرو فيها وقوف على أطلال الحبيبة .
وكان نقد ابن أبي عتيق يركّز على الطريقة التي استخدمها الشاعران لإيصال المعنى الذي يريدانه , فالبرغم من أن أبيات الحارث كانت تحمل مشاعر فيّاضة لكنه فشل في ايصالها للقارئ بصورة جميلة معبّرة , بينما نجح عمرو فيما أراد .
المفضلات