السلام عليكم :
كما بيّن المقال أستاذ محمد فإننا لا نلوم أهل هذا القاموس لأن اللوم يقع علينا لضعفنا وتخاذلنا حتى صرنا كالقصعة التي تتداعى عليها الأكلة رغم أننا كثير ولكننا غثاء لا نفع فيه .
وقد وجد كاتب المقال أنه من الأهمية بمكان اثارة هذا الموضوع في المحافل والمؤتمرات الرسمية، العربية والاسلامية (مجلس جامعة الدول العربية، المؤتمر الاسلامي)، لاصدار بيانات احتجاج واعتراض، واصدار توصيات لمنع دخول هذه المطبوعة الى بلدانها.
وبالفعل فقد قامت السيدة سوزان مبارك بإلقاء كلمة بمناسبة قبولها جائزة التسامح لعام 1998 من الاكاديمية الاوروبية للعلوم و الفنون أشارت فيها إلى تعريف ورد في هذا القاموس لكلمة عرقي حيث قالت : " وقبل أن أتشرف بعرض بعض أفكاري عن التسامح أود أن أتحدث إليكم عن تعريف غريب لكلمة عرقي وجدته في قاموس"وبستر" تعريف يعكس نوعاً من التعصب الأعمي الذي يتحتم علينا جميعاً محاربته إن أول تعريف في القاموس لهذه الكلمة هوالعضو في أو المرتبط بجماعة ثقافية قومية عرقية أو دينية وهو تعريف متوقع ولكن إلي جانبه تعريف أخر يقول : إنه ذلك الإنسان المرتبط بشعوب ليست مسيحية ولا يهودية بل وثنية إنني آمل بشدة ومن أجل إعطاء دفعة للتسامح في عالمنا متعدد الأعراق أن يحذف هذا التعريف من الطبعة القادمة لمعجم وبستر "
وكما بيّن المقال فقد صدرت الطبعة الجديدة من هذا القاموس فكانت أكثر عنصرية وأكثر انحيازاً والسبب هو أن التققهر الذي أصاب العرب في السنوات الأخيرة قد أفقدهم الهيبة وبالتالي الحقوق فغدوا مادة لكل أنواع الإنتهاكات والإعتداءات وما تدنيس المصحف وتعذيب السجناء في غوانتانامو والعراق وقصف الأبرياء في فلسطين وأفغانستان إلا مظهر من مظاهر الإحتقار لهؤلاء العرب والمسلمين .
إن ما كُتب في هذا القاموس وغيره ما هو إلا نتيجة لجهود كبيرة قامت بها الصهيونية العالمية خلال سنوات طويلة بحيث استخدمت وسائل الإعلام والثقافة لترسيخ الصورة التي تريدها عن العربي والمسلم في أذهان الغربيين , وهنا أنقل لكم جزءاً من مقالة للأستاذ عماد عبد الغني بعنوان " صورة العربي والمسلم في الإعلام الأمريكي المعولم " جاء فيه : " أخطبوط الإعلام الصهيوني
إن متابعة الدعاية الصهيونية وآثارها في الإعلام الغربي، تكشف ان "إسرائيل" تضخ مئات الملايين من الدولارات على ما يطلق عليه بالعبرية (هاسبارا) او المعلومات الموجهة إلى العالم الخارجي. وتضاف إليها الخدمات الإعلامية والمتمثلة في الرحلات المجانية للصحافيين النافذين والولائم والهدايا، عدا عن إمطار أعضاء الكونغرس الأميركي بدعوات لزيارة "إسرائيل"، فضلاً عن غزارة المطبوعات والندوات والمؤتمرات وتدريب المذيعين وتلقينهم للإشارة دائماً الى المحرقة ومحنة "إسرائيل" وتشويه صورة الانتفاضة ومماهاتها بالإرهاب.
والهدف دائماً هو اظهار "إسرائيل" انها ضحية بريئة للعنف والارهاب، وأن العرب لا سبب لديهم للنـزاع معها سوى الكراهية اللاعقلانية المستحكمة لليهود. يحدث هذا للأسف بالرغم من إنها تحتل الأراضي الفلسطينية وخاصة في الضفة والقطاع منذ 35 سنة، وتمارس القتل اليومي ضدهم بنسبة واحد الى خمسة، وتجرف وتدمر الأراضي والمنازل، وتحاصر القرى والبلدات، ومع ذلك تظهر نفسها بمظهر الضحية!!
لقد انتقلت الحرب إلى الإعلام منذ زمن بعيد، وقد تضاعفت أهمية وخطورة وسائل الإعلام في عصر الــ (Mass Media) حسب التعبير الأميركي، لذلك وبالإضافة الى إذاعة صوت أميركا التي تغطي العالم، قررت الولايات المتحدة إنشاء محطة فضائية باللغة العربية، ومضاعفة جهودها للتدخل في المواد الثقافية، بل طالبت عدداً من الدول الإسلامية ومنها السعودية ومصر وباكستان، بتعديل مناهج التدريس الديني وتحديث برامج التعليم الإسلامي في المدارس والمعاهد الخاصة والرسمية.
كذلك فالمتابع لوسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة تلك التي لها مواقع عبر شبكة الإنترنت، سيكتشف ان الكثير من الصحف الإلكترونية وغير الإلكترونية باللغة العبرية قررت اعتماد سياسة جلب وجذب الزوار العرب الى شاشاتها عبر الإنترنت. فالقسم العربي من موقع "عنيان ميركزي" يظهر في الجانب الأيسر من الصفحة الرئيسية حيث توجد أهم الأخبار اليومية في منطقة الشرق الأوسط. ومثال آخر لسياسة "تعريب" وسائل الإعلام الاسرائيلية، يظهر في قرار جريدة "معاريف" أشهر الصحف العبرية إنتشاراً، إنشاء صحيفة تابعة لها باللغة العربية واسم هذه الصحيفة هو "الأهالي"، وسيقوم صحافي عربي من مواليد حيفا بإدارة هذه الصحيفة وسوف تصدر الآن مرتين في الأسبوع، على ان تصدر يومياً خلال فترة زمنية قصيرة. وقد سارعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أكبر المنافسين لجريدة "معاريف" الى الاستجابة لفكرة "التعريب" وقررت شيئاً مماثلاً كي يتسنى لها مخاطبة القراء العرب. وأعلن منذ فترة عن نية "إسرائيل" إنشاء فضائية موجهة للعالم العربي.
نخلص إلى القول أننا أمام "حرب من نوع جديد" حسب توصيف محمد حسنين هيكل: " وهي حرب لا تدور اليوم على الجبهات العسكرية، ولا تقتصر على استخدام السلاح وقوة النيران، وليس لها مسرح عمليات محدد، له تخومه وتضاريسه، والخسائر فيها ليست بعدد القتلى والجرحى والآليات. إن في هذه الحرب ساحة كبيرة غير مرئية، تشتعل وتحتدم في عقول الناس وفي وعيهم وفي ضمائرهم، وأهم من ذلك في ذاكرتهم. وهكذا فان الاصابة فيها بصعق البرق وليست بطعن الجرح، والنـزف فيها ليس دماً يسيل، بل إدراكاً يتسرب، ثم ان المنتصر فيها لا يستولي على جغرافيا وإنما يستولي على تاريخ وإرادة، ولا يكتفي بحصار الواقع وانما يحصر الخيال".
بهذه الكلمات المعبرة إختصر هيكل سيناريو الصراع المستقبلي ليخلص إلى أن "المثقفين هم جيوش الضمير. ولأنهم كذلك فإن الضمير هو المستهدف الآن".
إذاً فإحتلال العقول والتسلل الى الأفكار والتأثير المنهجي التدريجي في نظام القيم العربية عبر إقامة "مستوطنات فكرية وثقافية" تعمل تحت شعار الواقعية على انتاج أفكار وإعادة صياغة التاريخ والذاكرة بما يجوّف الخصوصية الثقافية والاجتماع العربي، أصبح الآن هو الأسلوب الجديد المعتمد، بهدف تحويل العقل المقاوم الى عقل مساوم. "
المفضلات