تربطني بالأخوين الأستاذين إبراهميم الوافي ومحمد السقاف علاقة ود وظلال أدبية ممتدة في غير منتدى، ولكل منهما لدي ما يليق بقدره الأدبي من مكانة واعتبار.
قرأت التعليق الذي كتبه أستاذي إبراهيم الوافي ووجدتني أسلم بالنظرة العروضة التي تفضل بها في قوله:
وأيا كان ذلك فالشاعر محمد السقاف حمل في مجموعته تجربة شعرية ناضجة جداً على مستوىالرؤيا الشعرية، والمعرفة العروضية بصورة بهية في كثير من النصوص، وهذا الجمع بينالهاجسين لم يدخله كثيرا في نفق الصناعة الشعرية نتيجة تطور لغته ومائيتها وقدرتهاعلى التموسق بذاتها على الرغم من تقييدها بالأوزان العروضية الصارمة:
(للونرائحة
ولي وجع تصلّب
فوق جدران المواسم والعيون
الحزن ياليلى قبيلتنا
فكيف نفر من لغة الجنون
الحزن تاريخ البلاد
وغيمها الصيفي
ذاكرةالربى الصفراء
والمطر الهتون
ماذا سيبقى من أناملنا
وفي أعصابهاالخذلان
يحترف الظنون)
فتفعيلة الكامل هنا بارزة لا خدش فيها.
وخطر لي في رياضة عروضية أن أكتب النص على هذه الصورة مع بعض التعديلات :
للون رائحةولي وجع تصلْـ....ـلَبَ فوق جدران المواسم والعيون
الحزن ياليلى قبيلتنا فكيـ......ـفَ نفر من لغة التشظي والجنون
الحزن تاريخ البلاد وغيمها الصْـ ...ـصَي في ذاكرتين للمطر الهتون
ماذا سيبقى من أناملنا وفي .......أعصابهاالخذلان يحترف الظنون
وعندما وصلت للفقرة الثانية من التعليق :
" لكنّ هذه الصرامة المقيدة للمعنى والمكبّلة له لا تجيء دائما نتيجة الإحساس الشعريباللغة النافذة التي لاتقيدها موسيقى، ولا تقف أمام تدفّقها علّة واهنة أو زحافجائر..! :"
استوقفتني صياغتها فهي تحتمل الفهم على وجهين
أولهما أن شعره يخلو من ( العلة الواهنة) و ( الزحاف الجائر)
وثانيهما أن شعره يعبر عن غايته دون اكتراث بتجنب معطيات العروض وأنه في هذا السبيل لا يبالي ب( ارتكاب) ( العلة والواهنة ) والزحاف الجائر.
ووجدتني في قراءتي الأولى أنحاز للفهم الثاني، متوقعا أن أجد الوززن مضربا، وهكذا كان ما وجدته في قراءتي الأولى وساعد في ذلك غياب معالم القافية والروي في هذه الفقرة. ثم عدت وقرأتها قراءة ثانية فألفيتها من جزئين أولهما من المتدارك وثانيهما من التقارب، وفي إضافة متحرك أو حذف متحرك بينهما ما يؤمّن استمرارية المتدارك، ووددت لو تم ذلك.
من المتدارك:
إن بين الخطى والطريق
ضياعًا
يخط إشاراته
في انعطاف الدروب
التيليس تفضي إلى وجهةٍ
ليت هذا الضياع
يعاملني كالمشاة
فأعرف أن هنا سرعة
لايجوز تجا ( وزها )
ثم ينعطف انعطافة حادة إلى المتقارب :
(وأنـْ)ـنَ هنالك منعطفاً
هو أخطرُ من جملةٍ
تحتويها الإشارة
رامزةً للخطر.
هل يجوز للشاعر أن ينتقل هكذا بين بحرين من نفس الدائرة ؟ لا أدري
والانعطافة الحادة ناتجة عن تتالي الوتدين ( زُها ) و ( وأنـْ) وهو تتال مناقض لطبيعة دائرة المتفق، بل للشعر العربي كله، والمقصود هنا الوتدان الحقيقيان ( 2 3 3 2 في المتفق- أ ) و ( 4 3 3 4 - المختلف - ب) وربما خفف من حدته توقف طويل بين الجزئين، على أن تجنب ذلك كان ممكنا بتعديل بسيط من نحو :
لايجوز تجاوزها،
أن ثمّة منعطفاً ...........بحذف الواو قبل ( أنّ)
للأديبين الصديقين تحيتي.
المفضلات